للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويعاقبه، ولا يفصل بين الاسم وتنوينه؛ فكرهوا الفصل بين الجار والمجرور لذلك.

قال: " فإذا كان منوّنا فهو بمنزلة الفعل الناصب تكون الأسماء فيه منفصلة ".

يعني إذا نونت فقد بطلت الإضافة وصار بمنزلة الفعل. إذ كان لا إضافة في الفعل، وعمل عمله.

قال الشماخ:

ربّ ابن عمّ لسليمى مشمعل ... طباخ ساعات الكرى زاد الكسل

فهذا وجه الإنشاد بنصب الزاد، وإضافة طباخ إلى ساعات، و " المشمعل " المنكمش السريع، وقد روي: " طباخ ساعات الكرى زاد الكسل "، وبإضافة طباخ إلى زاد وتكون " ساعات " في موضع نصب.

وللقائل أن يقول: إذا كان سيبويه قد منع الفصل بين الجار والمجرور إلا في شعر، وما يجوز في الشعر لا يجوز في الكلام، إنما يكون للضرورة، ولا ضرورة في هذا؛ إذ كان يمكنه أن ينصب " الزاد " ويضيف " طباخ ". قيل له: يجوز أن يكون الشاعر لم يجعل " ساعات " مفعولا على السعة، فيمكنه إضافة " طباخ " إليها، وليس عليه أن يخرجها عن الظرف إلى المفعول على السعة، فإذا جعلها ظرفا لم يجز إضافة " الطباخ " إليها، فيضيفه إلى " الزاد " لا محالة اضطرارا.

وقال الأخطل:

وكرّار خلف المحجرين جواده ... إذا لم يحام دون أنثى حليلها (١)

فهذا هو الوجه، وقد أنشد بعضهم:

" وكرار خلف المحجرين جواده "

فهذا على مثل التفسير الذي مضى في البيت الذي قبله إذا قال: " طباخ ساعات الكرى زاد الكسل " وهو في " كرار خلف " أحسن؛ لأن " خلف أقل تمكنا؛ وأضعف من ساعات.

قال: " ومما جاء في الشعر ففصل بينه وبين المجرور قول عمرو بن قميئة:

لما رأت ساتيد ما استعبرت ... لله درّ اليوم من لامها (٢)

فأضاف " درّ " إلى " من "، و " من " في موضع جر، ونصب " اليوم " على الظرف، ولا


(١) ديوان الأخطل ٢٤٥. خزانة الأدب ٣/ ٤٧٤.
(٢) ديوان عمرو بن قميئة ٦٢، الخزانة ٢/ ٢٤٧، المقتضب ٤/ ٣٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>