للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعني وجه الكلام في هذا البيت إضافة " مدخل " إلى الظل؛ لأنك لو لم تفعل هذا فأضفته إلى الرأس لكنت قد فصلت بينهما بالظل، فكأن إضافته إلى الظل على السعة أحسن من الفصل بين المضاف والمضاف إليه بالظل.

قال: " وإذا لم يكن في الجرّ فحدّ الكلام أن يكون الناصب مبدوءا به ".

يعني إذا لم تضف فالوجه أن يكون المفعول الأول هو المبدوء به؛ لأن المفعول الأول هو الفاعل في المعنى، وهو الناصب للمفعول الثاني قبل أن يجعل مفعولا.

وهذا الكلام من سيبويه يوهم أنا إذا قلنا: " ضرب زيد عمرا "، أن للفاعل تأثيرا في نصب المفعول، وإنما سماه ناصبا يريد الفاعل في المعنى، لأنهما حيث اجتمعا في الفعل قبل النقل، وجعله فاعلا للفعل أوجب نصب الآخر، كما قال الله تعالى: فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ (١) ولم يكن الشيطان المخرج وإنما كان سببا لإخراج الله إياهما.

[ويجوز أن يكون معنى قول سيبويه: " يكون الناصب مبدوءا به " يريد المنصوب، ويكون لفظ الفاعل في موضع مفعول، كما قيل عِيشَةٍ راضِيَةٍ (٢) في معنى " مرضيّة " أي ذات رضا].

(هذا باب صار فيه الفاعل بمنزلة الذي فعل في المعنى وما يعمل فيه).

وذلك قولك: " هذا الضارب زيدا "، فصار في معنى هذا الذي ضرب زيدا، وعمل عمله؛ لأن الألف واللام منعتا الإضافة، وصارتا بمنزلة التنوين، وكذلك " هذا الضارب الرجل ".

قال أبو سعيد: يعني أن الألف واللام قد صارتا بمنزلة الذي، وصار اسم الفاعل المتصل به بمعنى الفعل.

فإن قال قائل: فأنتم قد منعتم أن يعمل اسم الفاعل إذا كان في معنى فعل ماض فكيف أجزتم نصب زيد في: " هذا الضارب زيدا " وهو في معنى فعل ماض؟

قيل له: إنما جاز هذا لأنا لما جعلنا الألف واللام بمعنى الذي، ونوينا به نية " الذي "، ووصلناها بما توصل به الذي وإن كانت الذي اسما، والألف واللام حرفا، جعلنا


(١) سورة البقرة، آية: ٣٦.
(٢) سورة الحاقة، آية: ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>