للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اسم الفاعل المتصل بالألف واللام في مذهب الفعل، وإن كان اسما.

ووجه ثان وهو أن الألف واللام لمّا لم يجز أن يليها لفظ الفعل، اضطرنا ذلك إلى نقل اللفظ عن الفعل إلى الاسم؛ ليتصل بالألف واللام، فكأنّ الذي نقل لفظ الفعل إلى الاسم حكم أوجبته تسوية اللفظ فقط، فبقي المعنى على حاله.

ووجه ثالث: وهو أن اسم الفاعل الذي في معنى الفعل الماضي كان حكمه أن يضاف إلى المفعول به، كقولك: " هذا ضارب زيد "، فلما دخلت الألف واللام فمنعت الإضافة واحتيج إلى ذكر المفعول للفائدة نصب.

وحكي عن الأخفش أنه قال: " هذا الضارب زيدا " إذا كان في معنى الفعل الماضي، إنما ينصب كما ينصب " الحسن الوجه " وليس على نصب المفعول الصحيح، والقول ما ذكرناه عن سيبويه للحجة التي ذكرناها.

فإن قال قائل: لم جعل سيبويه " الضارب " مفسرا بالذي ضرب ولم يفسّره بالذي يضرب؟

قيل له: من قبل أن اسم الفاعل الذي في معنى الفعل الماضي لا ينصب الاسم الذي بعده مع غير الألف واللام، والذي في معنى المستقبل ينصب، فإذا ذكر نصب اسم الفاعل مع الألف واللام، في معنى الفعل الماضي، لم يقع شك في أن المستقبل يعمل ذلك العمل؛ لأن المستقبل أقوى عملا من الماضي؛ ولو فسره بالمستقبل جاز أن يقول قائل: إن الماضي لا يعمل ذلك العمل. قال: " وقد قال قوم من العرب ترضى عربيّتهم: " هذا الضارب الرجل " شبّهوه بالحسن الوجه، وإن كان ليس مثله في المعنى ولا في أحواله ".

قال أبو سعيد: قد بينا أن اسم الفاعل يجوز أن يضاف إلى المفعول، فيما ليس فيه الألف واللام، ويجوز أن ينصب به ما بعده، كقولنا " هذا ضارب زيد " و " ضارب زيدا "، فإذا أدخلنا الألف واللام وجب النصب عند " سيبويه "، ولم يجز عنده الإضافة، وذلك أن الإضافة هي " معاقبة " للتنوين في قولك " هذا ضارب زيدا "؛ لأنه سقط بالإضافة التنوين الذي كان في قولك " ضارب زيدا " فإذا قلت: " هذا الضارب زيدا " لم يجز إضافة الضارب إلى زيد؛ لأنا لا نقدر على حذف شيء بالإضافة، فتكون الإضافة معاقبة له، فلم يجز " هذا الضارب زيد " لذلك.

فإذا قلت: " هذا الضارب الرجل " وما كان فيه الألف واللام من المفعولات جاز

<<  <  ج: ص:  >  >>