متصلا بالأب والوجه، وأخليت النعت الذي هو " حسن " و " قائم " من ضمير الأول؛ لأنك رفعت الأب والوجه بفعلهما، وجعلت الضمير العائد إلى الأول متصلا بهما، ثم إنك توسعت على مذهب العرب، فجعلت الأول فاعلا للحسن وللقيام في اللفظ، وإن كانت حقيقة الحسن للوجه، والقيام للأب، فإذا فعلت ذلك جعلت في " حسن " و " قائم " ضميرا للأول مرفوعا بحسن وقائم، كأنهما فعل، فإذا فعلت ذلك لم يجز أن ترفع الأب والوجه، لأنه لا يرتفع فاعلان بفعل واحد، إلا على سبيل العطف، ولم يجز أن يبقى الضمير الذي في الأب والوجه؛ لأنك قد جعلت ذلك الضمير بعينه فاعلا، وجعلته مستكنا في الفعل، فبطل أن يكون الوجه مرفوعا لمّا جعلت ضمير الأول فاعلا في " حسن " ولم يكن بد من ذكر الوجه، لأنك لو لم تذكره لم يعلم أن الحسن في الأصل للأول، أو منقول إليه عن غيره، فذكرت الوجه؛ ليعلم أن الفعل كان له، ونقل عنه فلما ذكرته للحاجة إليه وكان متعلقا بالفعل وقد ارتفع بالفعل غيره، وجب أن يكون محله كمحل المفعول لفظا، والمفعول قد يكون نصبا إذا نوّن اسم الفاعل، وقد يكون جرا إذا أضيف إليه اسم الفاعل، فجاز في " الوجه " النصب والجر على ذلك المعنى.
وأنا أعيد ما فسرته ممثلا له بمثال حاضر قريب، تقول:" مررت برجل حسن وجهه "، فترفع الوجه بحسن، وليس في " حسن " ضمير، والضمير الذي في " وجهه " يعود إلى رجل و " حسن " هو صفة للرجل، ثم تنزع الضمير الذي في وجهه، فتجعله في " حسن " فاعلا، فتقول:" مررت برجل حسن وجها وحسن وجه " فيصير الوجه لفظه لفظ المفعول، لما جعلت الفاعل غيره، فيصير بمنزلة قولك:" مررت برجل ضارب زيد وضارب زيدا "، فالصفة المشبهة " حسن " واسم الفاعل " ضارب "، فحسن يعمل في الوجه ما يعمل " ضارب " في " زيد " وليس " حسن " كضارب؛ لأن " ضاربا " يعمل كعمل فعله، ويجري عليه، تقول " هذا ضارب زيدا " كما تقول؛ " هذا يضرب زيدا "، وتقول:" هذا حسن وجها " ولا تقول: " هذا يحسن وجها " غير أنا شبهنا " حسن " بضارب لما قدمنا، وبينهما اختلاف
في وجوه نذكرها والذي يبين لك أنك إذا قلت:" مررت برجل حسن وجها " أو " حسن الوجه " ولم ترفع الوجه بالحسن، ورفعت به ضمير الأول، أنك تثنيه وتجمعه وتؤنثه على حسب الأول، تقول:" مررت برجلين حسني الوجوه، وبرجال حسني الوجوه، وبامرأة حسنة الوجه "، كما تقول: " مررت برجل قائم، وبرجلين قائمين،