للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعينه معرفة بتعريف ما أضيف إليه، فتقول: " مررت بزيد أفضل الناس "، وإنما جاز دخول الألف واللام من قبل أن المضاف يكتسي بالمضاف إليه تخصيصا، فإذا كان كذلك جاز أن تعرّف المضاف إليه، لتزيد المضاف تخصيصا بتعريف المضاف إليه، وإذا كان غير مضاف لم يكن مختصا بمعنى يخصه، فلم يجز دخول الألف واللام على التمييز؛ لأنه لا يغير الأول عن حاله، ولم يكن له معنى، إذا كانت الحاجة إلى واحد منكور شائع في الجنس دال عليه على ما قدمناه.

قال سيبويه: " فأثبتوا الألف واللام وبناء الجميع ولم ينوّن ".

يعني أنهم قالوا: " أفضل الرجال " فأثبتوا الألف واللام في الرجال، وجمعوا الرجال، ولم ينونوا " أفضل "، أعني أنهم لم يجعلوه في تقدير التنوين حين أضافوا، كما كان كذلك في حسن الوجه لأن النية فيه " حسن وجهه " فلذلك تعرف " أفضل الرجال " ولم يتعرف " حسن الوجه ".

قال سيبويه: " وفرقوا بترك التنوين والنون بين معنيين ".

أراد فرقوا بين معنى الإضافة والتمييز.

ونذكر من هذا الباب ما يكون عونا على معرفته وزائدا في إيضاحه، وإن لم يكن تفسيرا لشيء من ألفاظ سيبويه، ومن ذلك أنك إذا قلت: " زيد أفضل منك أبا "، فقد جعلت " أفضل " بمنزلة الفعل، كأنك قلت: " زيد يفضل أبوه على أبيك "، فهذا تستوي تثنيته وجمعه، ولا بد له من " من " ولا تدخله ألف ولام، ولا يضاف، لأنك عبرت به عن معنى الفعل، فأعطيته ما للأفعال، وأدخلت " من " للمعنى الذي ذكرناه من ابتداء التفضيل، فإن أردت أن تنقل هذا التفضيل إلى الذات فتجعله بمنزلة الفاضل أدخلت الألف واللام وأضفت، وثنيت وجمعت وأنثت، وأزلت من وتقديرها، فتقول: " زيد الأفضل أبا والأكرم خالا " " وهما الأفضلان " و " هم الأفضلون والأفاضل "، وجعلت بناء المؤنث على غير بناء المذكر في تفضيل الذات، فقلت: " هند الفضلى " و " الهندان الفضليان " و " الهندات الفضليات " والفضل، كما تقول: " زيد الفاضل " و " هند الفاضلة " إلا أن في الأفضل مبالغة في المدح ليست في الفاضل، قال الله تعالى: بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا (١).


(١) سورة الكهف، آية: ١٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>