للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قال قائل: فإن هذا الباب قد يعمل في المعارف كما يعمل في النكرات، وذلك قولك: " سفه زيد نفسه "، و " غبن رأيه " و " وجع ظهره "، قال الله عز وجل:

إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ (١)، وقال بعض الشعراء:

أيجع ظهري وألوي أبهري ... وما الصحيح ظهره كالأدبر (٢)

قيل له هذه أحرف شاذة حملت على معانيها، فإذا قال: " سفه نفسه " فكأنه قال:

" سفّه نفسه "، وتأويل آخر وهو أن تجعله سفه في نفسه، فحذف الخافض وأوصل الفعل، وكذلك " غبن رأيه " على معنى جهل رأيه، وإن شئت على التأويل الآخر، وهو " غبن في رأيه "، و " وجع في ظهره " معناه وجع من ظهره فإن شئت وجع من ظهره وإن شئت على معنى وجع ظهرا على التأويلين اللذين مرّا وإذا شذ الشيء في باب لم يجعل أصلا يقاس عليه.

وأما البيت الذي أنشدوه:

أتهجر ليلى بالفراق حبيبها ... وما كان نفسا بالفراق يطيب (٣)

فإن الرواية عند كثير من أصحابنا: " وما كان نفس بالفراق تطيب ".

وإذا كان كذلك فلا حجة فيه وربما اضطر الشاعر فأدخل الألف واللام في هذا الباب، وهو يريد طرحهما.

قال الشاعر:

رأيتك لمّا عرفت جلادنا رضيت ... وطبت النفس يا بكر عن عمرو (٤)

أراد وطبت نفسا، غير أنه أدخل عليها الألف واللام لمّا علم أنه يريد نفسا بعينها، وهي نفس المخاطب، ومثله:

" فأرسلها العراك " ونحوه (٥)


(١) سورة البقرة، آية: ١٣٠.
(٢) اللسان (بهر) ٥/ ١٥٠، اللسان (دبر) ٥/ ٣٥٤.
(٣) سبق تخريجه.
(٤) شرح ابن عقيل (حاشية الخضري) ١/ ٨٦ وشرح شواهد ابن عقيل ص ٣٨.
(٥) جزء من بيت قائله لبيد بن ربيعة الصحابي وصف به حمروحش تعدو إلى الماء.
فأرسلها العراك ولم يذدها ... ولم يشفق على نفص الدّخال =

<<  <  ج: ص:  >  >>