الشهرين، ولو قلت:" سير عليه المحرم " لجاز أن يكون السير في بعضه، قال: والدليل على ذلك قول سيبويه: " لو قلت: سير عليه شهر رمضان أو شهر ذي القعدة، كان بمنزلة يوم الجمعة، فأبو إسحاق عنده أن قولك: المحرم وشهر المحرم بمنزلة واحدة، وأن " سيبويه " لم يفرق بينهما، ولقائل أن يقول: إن سيبويه فرق بينهما؛ لأنه ذكر المحرم وصفر وسائر أسماء الشهور.
ثم قال: كأنهم قالوا: " سير عليه الثلاثون يوما "، فجعل كل شهر من الشهور بمنزلة الثلاثين يوما.
قال سيبويه: " وجميع ما ذكرت لك مما يكون على " متى " يكون مجرى على " كم " ظرفا وغير ظرف ".
يعني أن " يوم الجمعة "، و " شهر رمضان "، وما أشبه ذلك من جوابات " متى " قد يجوز أن يكون جوابا لكم، يعني يجوز أن تقول: كم سير عليه، فيقال: يوم الجمعة، فيكون السير فيه كله، وقوله: " ظرفا وغير ظرف " أي ظرفا ومفعولا، لا جوابا " لمتى ".
قال: " وبعض ما يكون في " كم " لا يكون في " متى " نحو الدهر والليل؛ لأن " كم " هو الأول، فجعل الآخر تبعا له، ولا يكون الدهر والليل والنهار إلا على العدّة جوابا لكم ".
يعني: أن الدهر والليل والنهار، قد يكون جوابا لكم لما فيه من التكثير، ولا يكون جوابا لمتى؛ لأنه لا دلالة فيه على وقت بعينه.
وقوله: " لأن كم الأول ".
يعني لأنه دلالة على المقدار في الزمان وغيره، ويقع تحتها المنكور والمعروف؛ لوقوع التقدير عليهما، فجعل الآخر وهو " متى " تبعا له.
قال:(وقد تقول: سير عليه الليل. تعني ليل ليلتك، وتجري على الأصل، كما تقول في الدهر: سير عليه الدهر).
يعني أنك إذا قلت: " سير عليه الليل " جاز أن تعني ليلة واحدة، وهي الليلة التي يليها يومك؛ فيجوز فيه الرفع والنصب أيضا، كما جاز فيه حين كان في معنى الدهر، وتقول: " سير عليه الدهر " وأنت تريد بعضه على جهة التكثير، فتجعل ما كثّرت من ذلك بمنزلة الدهر كلّه كما تقول: " أتاني أهل الدنيا " و " عسى ألا يكون أتاك منهم إلا خمسة