قال:(وكذلك شهرا ربيع، حين ثنّيت جاء على العدد عندهم).
يعني لا يجوز أن تقول: " ضرب زيد شهري ربيع " وأنت تعني في أحدهما.
قال:(وتقول: ذهبت الشتاء ويضرب الشتاء. وسمعنا الفصحاء يقولون: انطلقنا الصيف، على جواب متى). يعني أن الذهاب والانطلاق، كان في وقت من الشتاء والصيف؛ لأن الشتاء معروف من أوله إلى آخره، وكذلك الصيف، لو أراد أن يكون الفعل في الشتاء كله جاز، قال " ابن الرقاع "، والأعرف أنه لأبي دواد الإيادي:
فقصرن الشتاء بعد عليه ... وهو للذود أن يقسّمن جار (١)
يصف نوقا قصرت ألبانها على فرس، وذلك الفرس جار للنوق أن يغار عليهن، فيجوز أن يكون الشتاء هاهنا على جواب " كم "، فيكون قصر ألبانهن على الفرس في أيام الشتاء كلّها، ويجوز أن يكون في بعض الأيام على جواب " متى ".
قال: " واعلم أن الظروف من الأماكن كالظروف من الأيام والليالي في الاختصار، وسعة الكلام ".
يعني أن الظروف من المكان قد يجوز أن تقيمها مقام الفاعل، بأن تجعلها مفعولا على سعة الكلام، ويجوز أن تنصبها، ويكون الرفع والنصب فيها في جواب " كم " و " متى "، كما كان ذلك في " الأيام "، فتقول: " سير عليه فرسخان وميلان أو بريدان " في جواب: كم سير عليه؟ وإن شئت قلت: فرسخين وميلين، كما قلت: سير عليه يومان ويومين، في جواب " كم ".
قال: " ونظير " متى " من الأماكن " أين "، فإذا قلت: أين سير عليه؟ قيل: مكان كذا وكذا وخلف دارك ".
يعني أن " أين " يسأل بها عن مكان بعينه محصور، كما تسأل " بمتى " عن زمان بعينه محصور، فإذا قلت: أين سير عليه؟ لم يجز أن تقول: فرسخان، كما لا يجوز أن تقول:
" سير عليه يومان " في جواب: " متى سير عليه " وإنما تقول: " سير عليه يومان وفرسخان " في جواب " كم " في الزمان والمكان.
(١) نسبه سيبويه لابن الرقاع ١/ ١١١ بولاق ونسبه ابن جني في الخصائص لأبي دواد/ ٢٦٥.