للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نظّارة حين تعلو الشمس راكبها ... طرحا بعيني لياح فيه تحديد (١)

يقال: " لياج " و " لياح "، وهو الثور الوحشي، ويروى: " تجديد " فمن قال: " تحديد " أراد في بصره وناظره. ومن قال: " تجديد " أراد في لونه، والجدّة: الطريقة في الشيء، تخالف سائر لونه، من قوله وعز وجل: وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ (٢).

والشاهد في البيت قوله: " طرحا " وهو مصدر فعل لم يذكره، ولكن " نظارة " قد دلت عليه؛ لأنه إذا قال: " نظارة " فقد علم أنها تقلّب طرفها وناظرها في جهات؛ لأن النظر إنما هو تقليب الناظر، فإذا قلّبت الناظر في الجهات فقد طرحته فيها، فكأنه قال:

تطرح نظرها طرحا.

وإنما جعل هذا شاهدا للكلام الذي قبله؛ لأنه ذكر أن قوله: " سير به سيرا " أنه يجوز أن يكون نصب: " سيرا " بإضمار فعل آخر.

قال: " وإن شئت قلت: سير عليه السير ".

فتقيمه مقام الفاعل، وإن قلت: " سير عليه السير الشديد " فالرفع فيه أقوى؛ لأنه من الاسم أقرب؛ بالوصف الذي وصف به.

قال: (وجميع ما يكون بدلا من اللفظ بالفعل لا يكون إلا على فعل قد عمل في الاسم ".

يعني أنك إذا نصبت المصدر بإضمار فعل، فذلك الفعل الذي أضمرته معه فاعله؛ لأن الفعل لا يكون إلا بفاعل، وكذلك إذا قلت: " الحذر الحذر " فإنما تريد: احذر الحذر، فالفعل والفاعل محذوفان.

ومعنى قوله: " وقد عمل في الاسم ":

أي عمل في الفاعل وحذف معه.

قال: " ومما يسبق فيه الرفع من المصادر؛ لأنه يراد به أن يكون في موضع غير المصدر قوله: " قد خيف منه خوف " و " قد قيل في ذلك قول ".

يعني أنه قد يجيء به على لفظ المصدر المفعول والفاعل، وإذا كان كذلك، عاملناه


(١) سيبويه ١/ ١١٨ بولاق ونسبه سيبويه للراعي وهو يصف ناقته.
(٢) سورة فاطر، آية: ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>