للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معاملة المفعول لا المصدر، فقوله: " خيف منه خوف " يراد أمر مخوف، ولم ترد الخوف الذي في القلب.

والمصدر الذي بمعنى الفاعل قوله: " كان منه كون " أي أمر من الأمور، كأنه قال:

كان منه أمر كائن.

قال: وإن جعلته- على ما حملت عليه السير والضرب في التوكيد- حالا، وقع به الفعل، أو بدلا من اللفظ بالفعل، نصبت.

يعني إن جعلت: " خيف منه خوف " هو الخوف الذي في القلب، فسبيله سبيل قولك: " سير به سيرا ".

قال: (فإذا كان المفعل مصدرا جرى مجرى ما ذكرنا من الضرب وذلك قولك:

إن في ألف درهم لمضربا، يعني أن فيها لضربا).

قال أبو سعيد: اعلم أن المصادر هي مفعولة، والميم تدخل؛ لعلامة المفعول. فإذا كان الفعل ثلاثيّا، فإن الميم تدخل في مصدره، فيكون على " مفعل " كقولك: " ضربته مضربا " و " قتلته مقتلا ". كما تقول: " ضربته ضربا " و " قتلته قتلا "

ويكون على مفعل كقولك: " وعدته موعدا "، و " وقفته موقفا ".

وهو في الفعل الثلاثي دخلته الميم؛ لأنه مفعول، إلا أنه مفعول يخالف لفظ المفعول به؛ لأنك تقول: " قتلته فهو مقتول "، و " ضربته فهو مضروب "، وإذا جاوز الفعل الثلاثة استوى لفظ المفعول والمصدر، فقلت: " أخرجت زيدا

إخراجا " و " مخرجا " والمفعول به مخرج وأنزلته منزلا، والمفعول به منزل، قال الله عز وجل: وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبارَكاً (١) يجوز أن يكون: " إنزالا مباركا ".

فإذا كان الأمر على ما وصفنا جرى المصدر الذي فيه ميم، مجرى ما ليس فيه ميم، فيقال: " سير بزيد مسير شديد "، و " مسيرا شديدا "، وضرب به مضرب شديد، ومضربا شديدا، كما تقول: " سير به سير شديد، وسيرا شديدا "، وقال جرير:

ألم تعلم مسرّحي القوافي ... فلا عيّا بهنّ ولا اجتلابا (٢)


(١) سورة المؤمنون، آية: ٢٩.
(٢) ديوان جرير ٦٢، ابن الشجري ١/ ٤٢، رغبة الآمل ٢/ ٢٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>