للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أراد: تسريحي، و " القوافي " في موضع نصب، وأسكنه ضرورة، كما قال:

كأنّ أيديهن بالقاع القرق ... أيدي جوار يتعاطين الورق (١)

قال: (وكذلك تجري المعصية بمنزلة العصيان والموجدة بمنزلة المصدر لو كان الوجد يتكلم به).

يعني الموجدة في الغضب سبيلها سبيل الوجد، الذي ليس فيه ميم، ولا يتكلم بالوجد في معنى الموجدة، يقال: " وجدت عليه موجدة " إذا غضبت عليه، و " وجدت به وجدا " إذا أحببته، و " وجد وجدا " إذا استغنى، و " وجدت الضالّة وجدانا " إذا أصبتها، و " وجدت زيدا عالما وجدا " إذا علمته.

" فالموجدة " في الغضب تجري مجرى " الوجد " في الحب، تقول: " وجدت عليه موجدة "، ولا يقال: " وجدت عليه وجدا "، كما تقول: " وجدت به وجدا "، ولا يقال:

" وجدت به موجدة "، وقال الشاعر:

تداركن حيا من نمير بن عامر ... أسارى تسام الذّل قتلا ومحربا (٢)

يريد حربا أي سلبا، ويجوز أن يكون حربا في معنى غيظا.

قال: (فإن قلت: ذهب به مذهب، أو سلك به مسلك، رفعت؛ لأن " المفعل " هاهنا ليس بمنزلة الذهاب والسلوك).

يعني أن " المذهب " و " المسلك " تريد به المكان الذي يذهب فيه ويسلك، والأمكنة أقرب إلى الرفع من المصادر؛ لأن الأماكن جثث، وهي شبيهة بالأناسيّ.

قال سيبويه: " وهو بمنزلة قولك: ذهب به السوق "

فقال: إن قال قائل: لم أسقط حرف الجر من السوق، وليس بظرف، وقد زعم سيبويه أن قولهم: " ذهبت الشام " شاذ؛ لأنه يتعدّى إليه بحرف الجر، والشام ليس بظرف؛ لأنه مكان مخصوص.

فالجواب أن هذا: وإن لم يكن ظرفا فإن العرب تتسع فيه؛ لعلم المخاطب فيضمر،


(١) البيت لرؤبة ديوانه ١٧٩ والخزانة ٣/ ٥٢٩ والخصائص ١/ ٣٠٦.
(٢) نسبه سيبويه إلى ابن أحمد ١/ ١١٩ بولاق. ولم ينسبه ابن الأنباري في شرح القصائد السبع ٤٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>