للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: " من الناس من يصحب فتحمد صحبته " وإن شئت " من يصحبان فتحمد صحبتهما " وتقول: " في النساء من يكتب ويحسب " وإن شئت " من تكتب وتحسب " قال الله عز وجل في الجمع: وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ (١) وقال في موضع آخر وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ (٢) وقال تعالى: وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالِحاً (٣) فذكر أحد الفعلين وأنت الآخر، وقال الفرزدق:

تعشّ فإن عاهدتني لا تخونني ... نكن مثل من يا ذئب يصطحبان (٤)

وقد زاد الكسائي في معاني (من) وجها رابعا، فزعم أنها تكون صلة، وأنشد في ذلك:

آل الزّبير سنام المجد قد علمت ... ذاك العشيرة والأثرون من عددا (٥)

أراد الأثرون عددا. وأنشد أيضا (قول عنترة):

يا شاة من قنص لمن حلت له ... حرمت عليّ وليتها لم تحرم (٦)

فجعل من في هذين البيتين بمنزلة ما في الصلة. فأما البيت الأول فقد زعم بعضهم أن معناه الأثرون من يعد عددا، فحذف الفعل واكتفى بالمصدر منه، كما يقول ما أنت إلا سيرا، وأما البيت الثاني فإن رواية أكثر الناس (يا شاة ما قنص لمن حلت له) فإن كانت الرواية صحيحة في من فهي لعمري زائدة وقد يحتمل أن لا تكون زائدة وتجعل من نكرة بمنزلة إنسان. قنص بمعنى قانص وهو نعت له كما قال: وكفى بنا فضلا على من غيرنا.

وأما كم فإنها مبنية على السكون، والذي أوجب بناءها على ذلك أنها وقعت موقعين شابهت في كل واحد منهما حرفا؛ فالأول وقوعها موقع ألف الاستفهام، ويسأل بها عن جميع الأعداد كقولك: " كم غلاما لك " و " وكم مالك؟ " فتصير بمنزلة قولك


(١) سورة الأنعام، آية ٢٥.
(٢) سورة يونس، آية ٤٢.
(٣) سورة الأحزاب، آية ٣١.
(٤) البيت في ديوانه ٨٧٠، وسيبويه ٢/ ٣١.
(٥) البيت بلا نسبة في الخزانة ٢/ ٥٤٨.
(٦) معلقة عنترة في شرح القصائد السبع ٣٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>