للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللفظ منصوبة فهي مرفوعة في المعنى؛ لأنّ معنى ما أظرف زيدا: زيد ظريف جدّا؛ فهو مرفوع بالمعنى.

وفصل الفراء بين: أمّا زيدا فقد ضربت زيدا، وأمّا زيدا فقد ضربته، فقوّى النصب في إعادته زيدا مظهرا على إعادته مكنيّا؛ لأنك إذا أعدته ظاهرا فكأنك لم تقصد قصد الكلام الأوّل، وإذا أعدته مكنيّا فقد قصدت الأوّل فصار بمنزلة: زيد ضربته.

وأجاز: أما زيدا فقد قام زيد، ولم يجز: أمّا زيدا فقد قام، لأنّه إذا قال: فقد قام زيد فقد اعتمد في الأوّل أن تعمل فيه الجملة الأولى المقدّرة، وتقديره: مهما تذكر زيدا فقد قام زيد، وإذا قال: فقد قام فهو محتاج إلى الأول فصار بمنزلة قولك: زيد قد قام.

وكان هشام بن معاوية (١) يجيز: فيك لأرغبنّ، وعليك لأنزلنّ، أو منك لآخذنّ؛ فهذه الحروف في صلة ما بعد اللام.

ولا يجوز بإجماع الكوفيين: زيدا لأضربنّ، ولا طعامك لآكلنّ.

وفصل هشام بين هذا وبين ما أجازه في الحروف أنّ الحروف لا يبين الإعراب فيها؛ ولأنّ الظروف يجوز فيها من التقديم ما لا يجوز في غيرها.

وينبغي على مذهب الفرّاء أن يجوز: أمّا زيدا فلأضربنّ، وقد أجازه في أمّا.

قال أبو سعيد: وعندي أنه حمله على مذهب " أنّ " في اختصاص أمّا بتقديمها ما بعد الفاء عليها.

عدنا إلى كلام سيبويه في ترجمة للباب.

فقوله: باب ما ينتصب من المصادر لأنه حال صار فيه المذكور ظاهرا يوجب أن قوله: أمّا سمنا فسمين وكذلك

علما ونبلا أنّ سمنا وعلما ونبلا تنتصب على الحال، وكذلك أنت الرجل علما ودينا وفقها وأدبا.

وقال في هذا الباب: إنّ هذا مذهب بني تميم دون أهل الحجاز، وذلك أنّ بني تميم إذا أدخلوا الألف واللام على المصدر، يعني: سمنا وعلما لم يجروه مجرى الأوّل؛ فدلّ هذا عنده على أن الحجازيين يذهبون في نصبه أنه مفعول له، والمفعول له يكون نكرة


(١) هو هشام بن معاوية الضرير النحوي صاحب الكسائي له مؤلفات كثيرة منها الحدود، القياس توفي ٢٠٩ هـ معجم الأدباء ١٩: ٢٩٢ بغية الوعاة ٢: ٣٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>