وإنما صارت كلها مبهمة من قبل أنّ هو وأخواتها، وهذا وأخواتها تقع على كل شيء ولا تفصل شيئا من شيء من الموات والحيوان وغيره.
وأمّا النصب في: هذا عبد الله منطلقا، وما ذكره معه فعلى الحال، والعامل فيه أحذ شيئين:
إمّا التنبيه وإمّا الإشارة.
فأمّا التنبيه فهو ب (هاء)، وأمّا الإشارة فهي ب (ذا)، فإذا أعملت التنبيه فالتقدير:
انظر إليه منطلقا، وأمّا إذا أعلمت الإشارة فالتقدير: أشير إليه منطلقا، والمقصد أنك أردت أن تنبه المخاطب ل (عبد الله) في حال انطلاقه، ولا بد من ذكر منطلقا، لأن الفائدة به تنعقد، ولم ترد أن تعرّفه إياه وأنت تقدر أنه يجهله، كما تقول: هذا عبد الله، إذا أردت هذا المعنى.
فإن قال قائل: إذا استغنى الابتداء بخبره في قولك: هذا، فما الذي يضطر إلى ذكر ما ليس بابتداء ولا خبر، وإنما هو حال والحال مستغنى عنها؟
قيل له: قد يتصل بالاسم والخبر ما ليس باسم ولا خبر، ولا يتم الكلام إلا به كقوله عز وجل: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ (١)، لو حذفنا (له) وليس هو باسم ولا خبر، لبطل الكلام، ولو قلنا: ما في الدنيا رجل يبغضك، لكان يبغضك في موضع الصفة لرجل، ورجل مبتدأ، وفي الدنيا خبره، وإنما الاعتماد على نفي البغض، وإنما ذكرت رجلا ليعتمد يبغضك عليه في تصحيح اللفظ، لأنه لو قال: ما في الدنيا يبغضك، لم يجز، ولو قال: ما في الدنيا مبغض لك، لقبح حيث حذفت الموصوف في موضع يحتاج فيه إلى اسم، والأصل في ذلك: عبد الله منطلق، عبد الله: مبتدأ، ومنطلق:
خبره، ثم اتفق لك قرب عبد الله منك وأردت أن تنبه المخاطب عليه، فأدخلت هذا للتقريب والتنبيه، وهو اسم فلا بد له من موقع في الكلام ولإصلاح اللفظ، وهو أول الكلام، فرفع هذا بالابتداء وجعل عبد الله خبره، فاكتفي به ونصب منطلقا على الحال على ما شرحناه.
ولا يستغنى عن منطلق لأنه خبر في المعنى، كما لا يستغنى عن الرجل في قولك: يا