أيها الرجل، وإن كان صفة لأيّها، لأن الرجل هو المقصود بالنداء في الأصل.
والكوفيون يسمون هذا (التقريب) وفيه وفي أمثاله كلام يطول.
والإشارة بذاك إلى الشيء المتراخي كالإشارة بهذا إلى ما قرب.
وأما قوله: (المبتدأ مسند والمبني عليه مسند إليه)، فقد ذكرنا فيه في أول الكتاب وجوها، هذا واحد منها.
قال: (وأمّا هو فعلامة مضمر وهو مبتدأ، وحال ما بعده كحاله بعد هذا، وذلك قولك: هو زيد معروفا، فصار المعروف حالا، وذلك أنك ذكرت للمخاطب إنسانا كان يجهله أو ظننت أنه يجهله، وكأنك قلت: انتبه أو الزمه معروفا، فصار حالا، كما كان المنطلق حالا حين قلت: هذا زيد منطلقا، والمعنى أنك أردت أن توضح أن المذكور زيد حين قلت: معروفا، ولا يجوز أن تذكر في هذا الموضع إلا ما أشبه المعروف، لأنه يعرّف ويؤكّد، فلو ذكر هاهنا الانطلاق كان غير جائز، لأن الانطلاق لا يوضح أنه زيد ولا يؤكده.
ومعنى قوله: معروفا لا شكّ فيه وليس ذا في منطلق.
وكذلك: هو الحقّ بيّنا ومعلوما، لأنّ ذا مما يوضح ويؤكّد به الحق، وكذلك:
هي، وهما، وهم، وهنّ، وأنا، وأنت، وأنت.
قال ابن دارة:
أنا ابن دارة معروفا بها نسبي ... وهل بدارة يا للنّاس من عار) (١)
قال أبو سعيد: اعلم أن النصب في: هذا زيد منطلقا، على غير وجه النصب في قولنا: هو زيد معروفا.
ويبين ذلك لك أنك لا تقول: هو زيد منطلقا، فعلمت أن النصب فيهما مختلف.
أمّا النصب في: هذا عبد الله منطلقا، فقد ذكرناه.
أمّا نصب: هو زيد معروفا، فعلى جهة التوكيد لما ذكرته، وخبّرت به، وذلك أنك إذا قلت: هو زيد، فقد خبّرت بخبر
يجوز أن يكون حقا، ويجوز أن يكون باطلا، وظاهر الإخبار يوجب أن المخبر يحقق ما خبّر به، فإذا قال: هو زيد معروفا، فكأنه قال: لا
(١) الخزانة ١/ ٥٥٣، سيبويه ١/ ٢٥٧.