للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويحتمل أن تكون نافيا لجنس الرجال. فإذا أدخلت " من " أزالت " من " أحد المعنيين من الكلام وقصرته على المعنى الآخر، وهو معنى الجنس.

وقال أبو العباس: " من " لها معنيان:

ابتداء الغاية والزيادة، وكان يجعل كونها مبعضة داخلا في معنى الابتداء للغاية، بحجج كثيرة تأتيك في موضعها إن شاء الله.

وأما " هل " فإنها تكون استفهاما، كقولك: " هل زيد قائم "، وتكون بمعنى: " قد "، كقوله عز وجل: هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ (١) ومعناه: قد أتى على الإنسان.

واعلم أن " هل " وإن كانت استفهاما، تدخل عليها ألف الاستفهام فيما ذكره أبو العباس المبرد، ولا تقع في مواقع الألف كلها، وإنما لها مواضع مخصوصة. قال الشاعر:

سائل فوارس يربوع بشدّتنا ... أهل رأونا بسفح القفّ ذي الأكم (٢)

ونحن نبين مواضع (هل) في الاستفهام إذا أتينا عليها إن شاء الله.

و (بل) لتحقيق ما بعدها؛ كقولك: " قام زيد بل عمرو "، فربما كان إبطالا للأول، وربما كان تحقيقا لما بعدها، ولا يراد بها إبطال الأول.

و (قد) إذا كانت حرفا فهي تدخل على الفعل المتوقع كقول القائل: " هل قام زيد " فتقول له: " قد قام ". وقد بينا أمرها إذا كانت اسما.

قال سيبويه: " ولا ضم من الفعل لأنه لم يجئ ثالث سوى المضارع ".

قال أبو سعيد: يعني أن الأفعال منها ماض، وحكمه البناء على الفتح، ومنها فعل الأمر، وحكمه البناء على الوقف. والمضارع حكمه أن يكون معربا، فلم يجئ ثالث بعد الماضي وفعل الأمر، مما حكمه أن يكون مبنيا، فيبنى على الضم.

قال سيبويه: " وعلى هذين المعنيين بناء كل فعل سوى المضارع. يعني على الماضي وفعل الأمر، لا يوجد سوى ذلك ".

قال أبو سعيد: قد ذكرنا تعليل ما ذكره سيبويه من المبنيات من الأسماء والأفعال،


(١) سورة الإنسان، آية ١.
(٢) البيت لزيد الخيل الطائي في ديوانه ق ٥٦/ ١ ص ١٠٠، وخزانة الأدب ٤/ ٥٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>