للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويدلك على أنه نكرة أنك تصف به النكرة، تقول، هذا رجل حسبك من رجل، فهو بمنزلة: مثلك وضاربك إذا أردت النكرة، ومما يوصف به كلّ، قول ابن أحمر:

ولهت عليه كلّ معصفة ... هو جاء ليس للبها زبر (١)

سمعناه ممن يروونه من العرب.

ومن قال: هذا أول فارس مقبلا، من قبل أنه لا يستطيع أن يقول: هذا أوّل الفارس، فيدخل عليه الألف واللام فصار عنده بمنزلة المعرفة، فلا ينبغي أن يصفه بالنكرة، وينبغي له أن يزعم أن درهما في قولك: عشرون درهما معرفة، فليس هذا بشيء، وإنما أرادوا من الفرسان، فحذفوا الكلام استخفافا، وجعلوا هذا يجزئهم من ذلك، وقد يجوز

نصبه على نصب: هذا رجل منطلقا، وهو قول عيسى بن عمر وزعم الخليل أن هذا جائز، ونصبه كنصبه في المعرفة، جعله حالا ولم يجعله وصفا.

ومثل ذلك: مررت برجل قائما، إذا جعلت المرور به في حال قيامه. وقد يجوز على هذا: فيها رجل قائما، وهو قول الخليل.

ومثل ذلك: عليه مائة بيضا، والرفع الوجه، وعليه مائة عينا، والرفع الوجه.

وزعم يونس أن ناسا من العرب يقولون: مررت قائما بماء قعدّه رجل، والجر الوجه. وإنما كان النصب هنا بعيدا من قبل أن هذا يكون من صفة الأول، فكرهوا أن يجعلوه حالا كما كرهوا أن يجعلوا الطويل والأخ حالا حين قالوا:

هذا زيد الطويل، وهذا عمرو أخوك.

فألزموا صفة النكرة النكرة، كما ألزموا صفة المعرفة المعرفة، وأرادوا أن يجعلوا حال النكرة فيما يكون من اسمها، معنى ما يكون صفة لها ".

قال أبو سعيد:

الحال من المعرفة كالحال من النكرة فيما يوجبه العامل، غير أن الحال من النكرة تنوب عن معناها الصفة، والصفة مشاكلة للفظ الأول، فيكون أولى من الحال المخالفة للفظ الأول، وذلك قولك: جاءني رجل راكب. في حالة مجيئه، ولست تريد بيان رجل في


(١) ديوانه ٨٧، واللسان (زبر)، والزبر: الإحكام.

<<  <  ج: ص:  >  >>