للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمجحدل الذي يكري إبله، والمجحدل الذي قد ملأ قربته أيضا، ويقال للذي يبل الجلد إذا كان يابسا قد ضفّطه يضفّطه ضفاطة.

وأخبرنا أبو بكر بن دريد (١) أن الضفاطة لعاب الدف. قال: وأما قول الأعشى:

في فتية كسيوف الهند قد علموا ... أن هالك كلّ من يحفى وينتعل (٢)

فإن هذا على إضمار الهاء، لم يحذفوا لأن يكون الحذف يدخله في حروف الابتداء بمنزلة إن ولكنّ، ولكنهم حذفوا كما حذفوا الإضمار، وجعلوا الحذف علما لحذف الإضمار في (إنّ) كما فعلوا ذلك في (كأنّ).

قال أبو سعيد: (أنّ) المفتوحة المشددة إذا خففت ووليها ما يقوم بنفسه من مبتدإ وخبر وفعل وفاعل، أو نحو ذلك، فإنّ اسمها محذوف، وجعلوا الحذف علما لحذف الإضمار في (إن) كما فعلوا ذلك في (كأنّ) وليست بمنزلة (إن) المكسورة و (لكن) المشددة؛ لأن (إن) المكسورة و (لكنّ) يدخلان على المبتدإ فينصبانه، ولا يغيران معنى المبتدإ، فإذا خفضت أو أبطل عملها صار الاسم بعدهما مرفوعا بالابتداء ولا يحتاج فيهما إلى تقدير اسم لهما محذوف؛ كقول الله تعالى: وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ (٣) وقوله عزّ وجل: لكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ (٤) كأنه قال: وكل جميع لدينا محضرون، والله يشهد بما أنزل إليك، وليست أنّ المفتوحة كذلك؛ لأنها في صلة شيء قبلها، ولا يبتدأ بها، وليس الاسم بعدها في موضع مبتدإ، فتسقط هي في التقدير. ألا ترى أن قوله عزّ وجل: عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى (٥) لو أسقطت (أنّ) لم يصلح: علم سيكون منكم مرضى. وكذلك قوله:

... قد علموا ... أن هالك كل من يحفى وينتعل


(١) أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي، اكتسبت مدرسة البصرة شهرتها منه، توفي بها عام ٣٢١ هـ، الجمهرة ٣/ ٣٠.
(٢) رواية البيت في ديوانه: أن ليس يدفع عن ذي الحيلة الحيل.
والبيت في ابن يعيش ٨/ ٧٤، والكتاب ١/ ٢٨٢، والدرر ١/ ١١٩.
(٣) سورة يس، الآية: ٣٢.
(٤) سورة النساء، الآية: ١٦٦.
(٥) سورة المزمل، الآية ٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>