للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذهب ودخل فيما قبله، والمعنى معنى ربّ، وذلك قولك:

كم غلام لك قد ذهب.

قال: فإن قال قائل: ما شأنها في الخبر صارت بمنزلة اسم غير منون؟

فالجواب فيه أن تقول: جعلوها في المسألة مثل (عشرين) وما أشبهها، وجعلت في الخبر بمنزلة ثلاثة إلى العشرة

تجر ما بعدها، كما جرت هذه الحروف ما بعدها فجاز (ذا) في (كم) حين اختلف الموضعان، كما جاز في الأسماء المتصرفة التي هي للعدد.

واعلم أن (كم) في الخبر لا تعمل إلا فيما تعمل فيه ربّ؛ لأن المعنى واحد، إلا أن كم اسم و (ربّ) غير اسم بمنزلة من، الدليل عليه أن العرب تقول: كم رجل أفضل منك، تجعله خبر (كم) أخبرنا بذلك يونس عن أبي عمرو.

واعلم أن ناسا من العرب يعملونها فيما بعدها في الخبر كما يعملونها في الاستفهام فينصبون بها كأنها اسم منون.

ويجوز لها أن تعمل في هذا الموضع في جميع ما عملت فيه (ربّ) إلا أنها تنصب لأنها منونة، ومعناها منونة وغير منونة سواء، لأنه لو جاز في الكلام أو اضطر شاعر فقال: ثلاثة أثوابا كان معناه معنى ثلاثة أثواب.

وقال يزيد بن حنية ويروى للربيع:

إذا عاش الفتى مائتين عاما ... فقد ذهب المسرة والفتاء (١)

وقال الآخر:

أنعت عيرا من حمير خنزره ... في كل عير مائتان كمّره (٢)

وبعض العرب ينشد قول الفرزدق:

كم عمة لك يا جرير وخالة ... فدعاء قد حلبت علي عشاري

وهو كثير، منهم الفرزدق.

وقد قال بعضهم: كم على كل حال منونة، ولكن الذين جروا في الخبر أضمروا


(١) البيت في ابن يعيش ٦/ ٢٣، الخزانة الشاهد ٥٤٥، الجمهرة لابن دريد ٣/ ٢١٥.
(٢) الرجز للأعور بن براء الكلبي، في ابن يعيش ٦/ ٢٤

<<  <  ج: ص:  >  >>