كم في بني بكر بن سعد سيد ... ضخم الدسيفة ماجد نفاء (١)
وتقول: كم قد أتاني لا رجل ولا رجلان، وكم عبد لك ولا عبد ولا عبدان، فهذا محمول على ما حمل عليه (كم) لا على ما تعمل فيه كم، فإنك قلت:
لا رجل أتاني ولا رجلان، ولا عبد لك ولا عبدان، وذلك لأن (كم) يفسر ما وقعت عليه من العدد بالواحد المنكور، كما قلت: عشرون درهما، أو بجميع منكور نحو ثلاثة أثواب وهذا جائز في التي تقع في الخبر، فأما التي تقع في الاستفهام فلا يجوز فيها إلا ما جاز في العشرين.
ولو قلت: كم لا رجلا ولا رجلين في الخبر أو الاستفهام كان غير جائز؛ لأنه ليس هكذا تفسير العدد.
ولو جاز (ذا) لقلت: عشرون لا عبدا ولا عبدين.
ولا رجل ولا رجلان توكيد ل (كم)، لا للذي عمل فيه؛ لأنه لو كان عليه كان حالا وكان نقضا. ومثل ذلك قولك للرجل: كم لك عبدا؟ فيقول: عبدان، أو ثلاثة أعبد، حمل الكلام على ما حمل عليه (كم) ولم يرد من المسؤول أن يفسر له العدد الذي يسأل عنه، إنما على السائل أن يفسر له العدد حتى يجيبه المسؤول على العدد ثم يفسره بعد، إن شاء فيعمل في الذي يفسر به العدد، كما أعمل السائل في (كم) في العدد. ولو أراد المسؤول عن ذلك أن ينصب عبدا أو عبدين على (كم) كان قد أحال، كأنه يريد أن يجيب السائل بقوله: كم عبدا فيصير سائلا، ومع هذا أنه لا يجوز لك أن تعمل (كم) وهي مضمرة، في واحد من الموضعين؛ لأنه ليس بفعل ولا اسم أخذ من الفعل. ألا ترى إنه إذا قال المسؤول: عبدين أو ثلاثة أعبد فنصب على (كم) أنه قد أضمر (كم).
وزعم الخليل أنه يجوز أن تقول: كم غلاما لك ذاهب، تجعل لك صفة للغلام، وذاهبا خبرا ل (كم)، ومن ذلك أن تقول: كم منهم شاهد على فلان، إذا جعلت شاهدا خبرا ل (كم)، وكذلك هو في الخبر أيضا.
تقول: كم مأخوذ بك إذا أردت أن تجعل مأخوذا بك في موضع (لك) إذا قلت: كم لك؛ لأن لك لا تعمل فيه كم ولكنه مبنيّ عليها، كأنك قلت: كم رجل لك،
(١) البيت للفرزدق وليس في ديوانه، ابن يعيش ٤/ ١٣٢، العيني ٤/ ٣٩٢.