للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا المأخذُ أصحُّ نصًّا وقياسًا (١) وأصول الشريعة وتصرُّفاتها تَشْهَدُ له بالاعْتِبَار؛ فإن الله سبحانه قال في كتابه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (٩١) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾ [المائدة: ٩٠ - ٩٢].

فَقَرَنَ المَيْسِرَ بالأنصابِ والأزلامِ والخمر، وأخْبرَ أن الأربعةَ رجسٌ، وأنها من عمل الشيطان، ثم أمر باجتنابها، وعلَّق الفلاحَ باجتنابها، ثمَّ نبَّه على وجوهِ المفسدةِ المقتضيةِ للتَّحريم فيها، وهي ما يُوْقِعُهُ الشيطان بين أهلِها من العداوةِ والبغضاءِ ومن الصَّدِّ عن ذكر الله، وعن الصلاة.

وكل أَحَدٍ يعلم أن هذه المفاسدَ ناشئةٌ من نفسِ العمل، لا من مجرَّد أكل المال به. فتعليل التحريم بأنه متضمِّن لأكل المال بالباطل؛ تعليلٌ بغير الوصف المذكور في النَّصِّ، وإلغاءُ للوصف الذي نبَّه النصُّ (٢) عليه، وأرشد إليه.

وهذا فاسدٌ من الوجهين.

يوضِّحه: أن السلف الذين نزل القرآن بلغتهم سَمَّوْا نفس


(١) في (ظ) (وقياسًا - نعم -)، ويظهر أنها من عمل الناسخ، وقد حذفت نظائرها من النص.
(٢) سقط من (ظ).

<<  <  ج: ص:  >  >>