ومنها: قول بعضهم في قول الله سبحانه:} وما علمناه الشعر {رد على المشركين قولهم: بل هو شاعر، ولا يلزم من البيت الواحد هذا الاسم، فإن الشعر هو الذي يقصد الشعر، ويعرف أفانينها ويراعي قوانينها، فلا يلزمه الاسم المنفي عنه إنشاد البيت الواحد ونحوه.
ومنها قول بعضهم: إنه لم يقصد به الشعر، وإنما جرى على لسانه بحكم الاتفاق، وقد وجدنا لذلك نظائر كلام الله.
قلت: وكل هذه الوجوه قويمة، والوجه الأخير أقومها.
[٣٦٠٥] ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث عائشة لحسان:(إن روح القدس لا يزال يؤيدك ما نافحت عن الله ورسوله).
روح القدس: جبريل؛ لأنه يأتي إلى أنبياء الله بما فيه الحياة والطهارة، أو لأنه الروح الذي طبع على الطهارة.
ونافحت: أي دافعت واجتهدت في الذب عن حرمهما. من قولهم: قوس تَفُوح، إذا كانت بعيدة الدفع للسهم.
والمعنى: أن شعرك هذا الذي تنافح به عن رسوله يلهمك الملك سبيله، بخلاف ما يتقوله الشعراء إذا اتبعوا الهوى، وهاموا في كل واد، فإن مادة قولهم من إلقاء الشيطان إليهم.
[٣٦٠٦] ومنه قوله في حديثها أيضاً: (فشفي واشتفى) يحتمل أنه أراد بالكلمتين التأكيد، أي: شفي من الغيظ بما أمكنه من الميسور من القول والمعسور. ويحمتل أنه أراد أنه شفى غيره واشتفى نفسه.