[١٥٣/أ]. وذكرت في خبر وفاته أنه قال عند المعاينة:
إن تغفر الّلهم تغفر جما .... وأي عبد لك لا ألّما
ثم قال:
كل عيش وإن تطاول دهراً .... صائر مرة إلى أن يزولا
ليتني كنت ما قد بدا لي .... في قلال الجبال أرعى الوعولا
ثم مات. فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (كان مثل أخيك كمثل الذي آتاه الله آياته فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين).
وقوله: (هيه) بمعنى: إيه. على هذا رواه الراوون، وكأنه قلب الهمزة هاء.
وإيه: اسم سُمّي به الفعل؛ لأن معناه الأمر، تقول للرجل إذا استزته من حديث أو عمل: إيه بكسر الهاء.
وقال ابن السكيت: فإن وصلت نونت قلت: إيهٍ حديثاً.
وقول ذي الرُمة:
وقفنا فقلنا إيه عن أم سالم .... وما بال تكليم الديار البلاقع
فلم ينون وقد وصل؛ لأنه نوى الوقف. قال ابن السَري: إذا قلت إيهِ يا رجل فإنما تأمره بأن يزيدك من الحديث المعهود بينكما، كأنك قلت: هات الحديث، وإن قلت: إيهٍ بالتنوين كأنك قلت: هات حديثاً؛ لأن التنوين تنكير.
وذو الرمُمة أراد التنكير فترك للضرورة، وإنا سلكنا هذا المسلك، لأن المحدثين يلحنون فيه؛ فيه؛ فمنهم من ينونه، وليس بسديد على القولين.
ومنهم من يرويه على السكون، وليس بصحيح.
[٣٦٠١] ومنه حديث جندب بن سفيان البجلي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في بعض المشاهد وقد دميت إصبعيه، فقال:
(هل أنت إلا إصبع دميت .... وفي سبيل الله ما لقيت)
يسأل عن ذلك وعما أشيهه من الرجز الذي جرى على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، مع شهادة الله له بأنه لم يعلمه الشعر وما ينبغي له، وقد سبقنا بالجواب عنه فنقل الخطابي في ذلك وجوهاً عن أهل العلم:
منها: قول بعض أهل العلم: إن الرجز ليس بشعر [١٥٣/ب] وإنه خارج عن المعاريض المشهورة، وإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينشد قط بيت الشعر؛ ولهذا لما ذكر قول طرفَة أخرجه عن وزان الشعر بتأخير الحرف المقدم فقال: (ويأتيك من لم تزود بالأخبار) فأعيد عليه فأبى إلا قوله ذلك.