وقد وجدت بعض أهل العلم من رواة كتاب مسلم قيده في نسخته المسموعة عليه بكسر الخاء والراء المهملة، وفسره بخطه أو بخط غيره على حاشية الكتاب، أي: تجعلوا شدخ رأسي اختبارا وامتحانا لهم. وما أراه إلا مصحفا اخترع المعنى من عنده فأحال فيه. وقد غلط أيضا في قوله:(واغزهم نغزك) فرواه: نعزك بالعين المهملة وتشديد الزاي. وإنما هو بالغين المنقوطة من الإغراء، تقول: أغزيت فلانا، أي: جهزته للغزو، والمغزية: المرأة التي غزا زوجها.
ومنه حديث عمر- رضي الله عنه- (لا يزال أحدهم كاسرا وساده عنده مغزية).
قلت: وحديث عياض هذا حديث طويل أورد المؤلف نصفه في هذا الباب، والنصف الآخر وهو آخر الحديث في باب الشفقة والرحمة، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: (وأهل الجنة ثلاثة: ذو سلطان ...) الحديث.
[٤٠١١] ومنه قول أبي لهب في حديث ابن عباس- رضي الله عنهما- (تبا لك سائر اليوم). التباب: الخسران والهلاك، يقال: تبا له، ينصب على المصدر بإضمار فعل، أي: ألزمه الله هلاكا وخسرانا.
(وسائر اليوم): أجمعه، منصوب بالظرفية.
وفي أمثالهم في اليأس من الحاجة:(أسائر اليوم وقد زال الظهر).
ومن ذهب في (السائر) إلى البقية، فإنه غير مصيب؛ لأن الحرف من السير لا من السؤر.
وفيه:(فانطلق يربأ أهله)، أي: يرقب ويعتان لهم، يقال: ربأت القوم ربئا، وارتبأتهم إذا رقبتهم. وكذلك [١٧٢/أ] إذا كنت لهم طليعة فوق شرف.
وفيه:(غير أن لهم رحما سأبلها ببلالها) وقد فسرناه في باب البر والصلة.
وفيه:(سليني ما شئت من مالي).
قلت: أرى أنه ليس من المال المعروف في شيء، وإنما عبر به عما يملكه من الأمر وينفذ تصرفه فيه، ولم يثبت عندنا أنه كان ذا مال، لاسيما بمكة.
ويحتمل أن الكلمتين، أعني (من) و (ما) وقع الفصل فيهما من بعض من لم يحققه من الرواة، فكتبهما منفصلتين.