للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال سفيان مرة: هم أهل البارز بتقديم الزاي وفتحها أيضا. وذهب بعضهم في تفسير البارز إلى أنه عني به البارزين لقتال أهل الإسلام.

قلت: والذي يدل عليه نسق الكلام والأحاديث التي وردت في هذا الباب هو أنه أراد بالموصوفين بما وصفهم الترك، ولعل فيهم من انتشر من هذين القبيلين، فنسب كل واحد منهما إلى أحد الأبوين.

وقد ذكر في التواريخ أن أولاد نوح لما ضاق بهم أرض بابل انتشروا في البلاد، فنسب كل صقع إلى من استقر به كخوزستان وفارس وكرمان وخراسان والصين وصقلاب وخزر والسند والهند وأرمين والروم، وإلى غير ذلك، فلعل من الترك من ينسب إلى خوزا وكرمان لانتشاره من أحدهما، أو لأنهم سكنوا إحدى الناحيتين فسموا بها، وقد غلبت الترك غير مرة على تلك البلاد واستوطنوها، ثم إنه لم يشتهر عندنا كما لم يشتهر بنو قنطورا، وقد نسبهم النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى قنطورا.

وقد روى الخطابي أن قنطورا كانت جارية لإبراهيم- عليه السلام- انتشر منها أمة من الترك.

فإن قيل: فما يمنعكم أن تحملوا الحديث على أهل خوزستان وكرمان، فقد قاتلهم الصحابة في أول الإسلام؟

قلنا: يمنعنا منه الوصف الذي وصفوا به في الحديث، ولم يوجد أهل تلك الديار على النعت المذكور، بل وجدت عليه الترك، ثم إنه وصف الترك وما هم عليه من الحلية في غير هذا الحديث، فتوافق الوصفان فرددنا المبهم إلى الواضح الجلي.

فإن قيل: فلم نجد الترك ينتعلون الشعر؟

قلنا: ولعلهم يظهرون بعد ذلك لو كانوا يعرفون بذلك السمت فيما قبل من الزمان.

قلت: وفي بعض طرق هذا الحديث: (لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون الترك، قوما وجوههم كالمجان المطرقة، يلبسون الشعر، ويمشون في الشعر). رواه مسلم في كتابه.

والأشبه أن أولئك نشء آخر سوى من ابتلينا بهم كفانا الله شرهم.

وفيه: (فطس الأنوف) الفطس- بالتحريك: تطامن قصبة الأنف وانتشارها، والرجل أفطس، والجمع فطس.

وفيه: (وجوههم كالمجان المطرقة) المجان- بفتح الميم: جمع المجن وهو التسرس. والمطرقة: التي يطرق بعضها على بعض كالنعل المطرقة المخصوفة.

وقيل: هي أطرقت بالعقب أي: ألبست به أو بالجلد، وترس مطرقة.

قلت: وفي أكثر نسخ المصابيح: (وجوههم المجان). [١٧٦/أ] وهو خلاف الروايات المعتد بها،

<<  <  ج: ص:  >  >>