للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك من الوقائع الدالة أنه لا يخرج ونبي الله بين أظهرهم، بل لا تراه القرون الأولى من هذه الأمة، فما وجه قوله: (إن يخرج وأنا فيكم؟).

قلنا انما سلك هذا المسلك من التورية لإبقاء الخوف على المكلفين من فتنته، واللجأ إلى الله من شره، لينالوا بذلك الفضل من الله ويتحققوا بالشح على دينهم.

وفيه: (أنه شاب قطط) قطط أي: شديد الجعودة.

وفيه (أنه خارج من خلة بين الشام والعراق) يريد من سبيل بينهما، وإنما قيل له خلة؟ لأن السبيل خل ما بين البلدين، أي آخذ مخيط ما بينهما. يقال: خطت اليوم خيطة، أي: سرت سيرة ويقال: للطريق في الرمل: الخل، ويذكر ويؤنث.

وفيه (فعاث يمينا وعاث شمالا) عثا في الأرض فهو عاث، أي أفسد و، أي أفسد ونما قال: (يمينا وشمالا) إشارة إلى أنه لا يكتفي بالإفساد فيما يطؤه من البلاد، ويتوجه إليه من الأغوار والأنجاد، بل يبعث سراياه يمينا وشمالا، فلا يأمن من شره مؤمن، ولا يخلو من فتنته موطن.

وفيه (قلنا: يا رسول الله: وما لبثه في الأرض) إلى تمام السؤال والجواب، يشكل من هذا الفصل قوله - صلى الله عليه وسلم - (يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة) مع قوله: (وسائر ايامه كأيامكم).

ولا سبيل إلى تأويل امتداد تلك الأيام على أنها وصفت بالطول والامتداد لما فيها من شدة البلاء وتفاقم البأساء والضراء؛ لأنهم قالوا: (يا رسول الله فذلك اليوم الذي كسنة، أيكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: لا ...) الحديث.

فنقول: وبالله التوفيق ومنه المعونة-: قد تبين لنا بإخبار الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم - أن الدجال يبعث معه من الشبهات، ويقيد على يديه من التمويهات ما يسلب عن ذوي العقول عقولهم، ويخطف من اولي الأبصار ابصارهم، فمن ذلك تسخير الشياطين له، ومجيئه بجنة ونار وحشره ناس من الناس، وإحياء الميت على حسب ما يدعيه، وتقسويته على من يريد إضلاله تارة بالمطر والعشب، وتارة بالأزمة والجدب، ثم لا خفاء بأنه أسحر الناس، فلم يستقم لنا تأويل هذا القول إلا بأن نقول: إنه يأخذ بأسماع الناس وأبصارهم، حتى

<<  <  ج: ص:  >  >>