للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يخيل إليهم أن الزمان قد أستمر على حاله] ١٨٠/أ [واحدة، إسفار بلا إظلام، وصباح بلا مساء، يحسبن أن الليل لا يمد عليهم رواقه، وأن الشمس لا تطوي عنهم ضياءها، فيقعون في حيرة والتباس من امتداد الزمان، ويدخل عليهم الدواخل باختفاء الآيات الظاهرة في الليل والنهار، فأمرهم أن يجتهدوا عند مصادفة تلك الأحوال، ويقدروا لوقت كل صلاة قدره، غلى أن يكشف الله عنهم تلك الغمة.

هذا الذي اهتدينا غليه من التأويل، والله الموفق لإصابة الحق.

وفيه: (فيروح عليهم سارحتهم). السارحة: المال السائم، تقول: سرحتها سرحا، وسرحت هي بنفسها سروحا، يتعدى ولا يتعدى.

وفيه: (فيصبحون ممحلين) أمحل القوم: أصابهم المحل، وهو انقطاع المطر ويبس الأرض من الكلأ.

وفيه: (فيتبعه كنوزها كيعاسيب النحل) اليعسوب: ملك النحل، ومنه قيل للسيد: يعسوب قومه.

وفي الحديث (هذا يعسوب قريش) أي سيدها.

وفي حديث آخر: (ضرب يعسوب الدين بذنبه) قال الأصمعي: أي: رئيس لدين وسيده، إذا فارق أهل الفتنة، وضرب في الأرض ذاهبا.

قلت: وإنما ضرب المثل باليعاسيب، لأنها إذا خرجت من كورها تبعها النحل بأجمعها.

وفيه: (فيقطعه جزلتين رمية الغرض) جزلتين أي: قطعتين، يقال: ضرب الصيد فقطعه جزلتين، ويقال: جاء زمن الجزال، أي: زمن صرام النخل، والجزلة والجزال بكسر الجيم فيهما، وأراد برمية الغرض إما سرعة نفوذ السيف فيه، وإما إصابته المحز، وقيل: هو أن تجعل بين الجزلتين رمية الغرض.

وفيه: (بين مهرودتين) هذا الحرف يروى بالدال والذال، ومعنى بين شقتين أو حلتين من قولهم: هردت الثوب أي: شققته، وهو مثل ما غير هذا الحديث (بين ممصرتين)، والممصرة من الثياب: التي فيها صفرة خفيفة.

وقد ذهب القتيبي إلى أن الصواب فيه (مهروتين) أي: صفراوين، يقال: هريت العمامة: إذا لبستها صفرا كأنه اختار ذلك لمكان الممصرتين.

وقد ذكر الهروى اختلاف أصحاب الغريب في مأخذ هذه الكلمة واشتقاقها فتركنا ذكر استيعاب ذلك اكتفاء بما أشرنا إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>