هذا ويحتمل أن أصل الحديث على ما هو في الرواية الأخرى، فعدل عنه بعض الرواة الى لفظ الشمال غلطا منه أو ظنا أنه يسد مسد اليد الأخرى.
] ٤١٥٣ [ومنه حديث ابن مسعود -رضي الله عنه-: (جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ...) الحديث.
السبيل في هذا الحديث أن يحمل على نوع من المجاز أو ضرب من التمثيل. والمراد منه تصوير عظمته، والتوقيف على جلالة شانه، وأنه -سبحانه- يتصرف في المخلوقات تصرف أقوى قادر على أدنى مقدور.
تقول العرب في سهولة الطلب وقرب المتناول ووفور القدرة وسعة الاستطاعة: هو مني على حبل الذراع، وأني أعالج ذلك ببعض كفي، وأستقله بفرد اصبع، ونحو ذلك من الألفاظ استهانة بالشيء واستظهارا في القدرة عليه. والمتورع في الخوض في تأويل أمثال هذا الحديث في فسحة من دينه إذا لم ينزلها في ساحة الصدر منزلة مسميات الجنس.
وقد تكلم الخطابي على هذا الحديث في كتاب الإعلام] ١٨٤/ب [وزبدة كلامه أن الإصبع لم يوجد في كتاب الله ولا في السنة المقطوع بصحتها فيلزمنا القول بها، وليست كاليد فإنها ثبتت بتوقيف شرعي اطلقنا الاسم فيه على ما جاء به الكتاب من غير تكييف ولا تشبيه.
وقد روي هذا الحديث غير واحد من أصحاب ابن مسعود، من طريق عبيدة فلم يذكر فيه قوله:(تصديقا لقول الحبر) والنبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينطق فيه بحرف تصديقا له أو تكذيبا، وإنما ظهر منه في ذلك الضحك المخيل للرضا مرة وللتعجب والإنكار أخرى ثم تلا الآية. والآية محتملة للوجهين معا، وليس فيها للإصبع ذكر.
وقول من قال من الرواة (تصديقا للحبر) ظن وحسبان، والأمر فيه ضعيف اذ كان لا يلخص شهادته