لأحد الوجهين، فيحتمل أن يكون ذلك من تخليط اليهود وتحريفهم، وأن ضحكه كان على معنى التعجب منه والنكير له.
قلت: ومما ينصر قوله هذا: ما رواه أبو عيسى الترمذي بإسناده في كتابه عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: مر يهودي بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: (يا يهودي حدثنا!) فقال: كيف تقول يا أبا القاسم إذا وضع الله السماوات على ذه والأرضين على ذه والماء على ذه والجبال على ذه وسائر الخلق على ذه وأشار إلى أبو جعفر محمد ابن الصلت بخنصره ثم تابع حتى بلغ الإبهام -فأنزل الله -تعالى-: {وما قدروا الله حق قدره}).
قلت: وأبو جعفر بن الصلت أحد رواة هذا الحديث.
] ٤١٥٥ [ومنه حديث ابي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (الشمس والقمر مكوران يوم القيامة).
قلت: يحتمل أنه من التكوير الذي هو بمعنى اللف والجمع أي: يلف ضوئها لفا فيذهب انبساطها في الافاق، ويحتمل أن يراد به رفعهما لأن الثوب إذا طوي رفع.
ويحتمل أن يكون من قولهم: طعنه فكوره، أي: ألقاه، يلقيان من فلكهما، وهذا التفسير أشبه بنسق الحديث لما في بعض طرقه:(يكوران في النار) ويكون تكويرهما فيها ليعذب بهما أهل النار، لا سيما عباد الأنوار، لا يعذبان في النار؛ فغنهما بمعزل عن التكليف، بل سبيلهما في النار سبيل النار نفسها وسبيل الملائكة الموكلين بها.
ورواه أنس في روايته:(الشمس والقمر ثوران عقيران في النار) أي زمنين لا يبرحان منها، فلا يكون لهما سير كما كان قبل انتقاض الأفلاك.