[٤٢٠٧] ومنه حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إذا صار أهل الجنة إلى الجنة، وأهل النار إلى النار جيء بالموت ..) الحديث. المراد منه أنه تمثل لهم ذلك على المثال الذي ذكره في غير هذه الرواية:(يؤتي بالموت بكبش أعين ...) الحديث. وذلك ليشاهدوه بأعينهم فضلاً أن يدركوه بأبصارهم. والمعاني إذا ارتفعت عن مدارك الأفهام واستعلت عن معارج النفوس لكبر شأنها صيغت لها قوالب من عالم الحس حتى يتصور في القلوب ويستقر في النفوس. ثم إن المعاني في الدار الآخرة تتكشف للناظرين انكشاف الصور في هذه الدار الفانية.
هذا، وما أحببنا أن نؤثر الإقدام على سبيل لا معلم بها لأحد، فاكتفينا بالمرور عن الإلمام.
(ومن الحسان)
[٤٢٠٨] قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث ثوبان رضي الله عنه:(ما بين عدن إلى عمان البلقاء).
وفي حديث أنس:(كما بين أيلة وصنعاء من اليمن).
وفي حديث ابن عمر:(كما بين جرباء وأذرح).
وفي حديث حارثة بن وهب:(كما بين صنعاء والمدينة).
وفي حديث عبد الله بن عمرو:(مسيرة شهر).
فإن قيل: إن بين هذه المقادير من التفاوت ما لا يخفى على ذوي المعرفة بها.
قلنا: إنما أخبر نبي الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك على طريق التقريب لا على طريق التحديد، والذي [اقتضى ذلك تلك الأماكن] مع التفاوت الذي فيها هو اختلاف أحوال السامعين في الإحاطة بها علماً، فبين مقدار مسافة كل قطر من أقطار الحوض تارة بما يقطعها المسافر في الشهر، وتارة بالأماكن المختلفة المشهورة عند الناس لتقع المعرفة به عند كل أحد على حسب ما عنده من المعرفة ببعد ما بين الموضعين. ولو أورده مورد