[٤٢٣٢] ومنه حديث أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه-[عن النبي - صلى الله عليه وسلم -]: (إن أهل الجنة يتراءون أهل الغرف من فوقهم كما تتراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق ...) الحديث.
الدري بضم الدال من غير همز منسوب إلى الدر لصفاء لونه وخلوصة نوره وقد قرئ في كتاب الله بالهمز مع ضم الدال، وهو لين ينكره أهل اللغة. والمعتد به كوكب دري بضم الدال من غير همز، وبكسر الدال مع الهمز.
قيل: ودرؤه: طلوعه، وذلك أنه يطلع عليك من مطلعه فجأة، فيقال: درأ علينا فلان وطرأ: إذا طلع فجأة. وزعم الفراء أنه من درأ بمعنى دفع، كأنه رجم به الشيطان فدفعه، والأول أسد وأصح.
(والغابر): قد اختلف فيه الرواة، فمنهم من رواه بالهمز بعد الألف من الغور يريدون انحطاطه في الجانب الغربي ومنهم من رواه بالياء من الغبور، والمراد منه الباقي في الأفق بعد انتشار ضوء الفجر، فإنما يستنير في ذلك الوقت الكوكب المضيء.
ولا أشك أن الرواية الأولى نشأت من تصحيف صحفي لم يعنه النظر؛ لبلادته على ما يشهد عليه سياق الحديث، وذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: (من المشرق أو المغرب)، وفي رواية أخرى (في الأفق الشرقي أو الغربي) وغور الكواكب في الجانب الشرقي مما لا يتصور.
وفي كتاب المصابيح:(من المشرق والمغرب) والصواب: (من المشرق أو المغرب). وكذلك [١٩٣/أ] رواه مسلم في كتابه.
[٤٢٣٣] ومنه حديثه الآخر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير). يريد بذلك ما جبلوا عليه من لين الأفئدة ورقتها.