للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي: لا تقدموا على ذلك بأهوائكم وآرائكم بل بما أتاكم من الله من البيان، وعلى هذا النحو قوله - صلى الله عليه وسلم -: (ولا أقول: إن أحداً خير من يونس بن متى) أي: لا أقوله من تلقاء نفسي ولا أفضل أحداً عليه، من حيث النبوة والرسالة، فإن شأنهما لا يختلف باختلاف الأشخاص، بل نقول: كل من أكرم بالنبوة، فإنهم سواء فيما جاءوا به عن الله، وإن اختلفت مراتبهم، وكذلك من أكرم بالرسالة، وإليه وقعت الإشارة بقوله سبحانه {لا نفرق بين أحد من رسله} وإنما خص يونس بالذكر من بين الرسل؛ لما قص الله عليه في كتابه من أمر يونس وتوليه عن قومه، وضجرته عند تثبطهم في الإجابة، وقلة الاحتمال عنهم والاحتفال بهم، حين راموا التنصل، فقال -عز من قائل: {ولا تكن كصاحب الحوت} وقال: {وهو مليم} فلم يأمن - صلى الله عليه وسلم - أن يخامر بواطن الضعفاء من أمته ما يعود إلى نقيصة [١٩٦/أ] في حقه، فنبأهم أن ذلك ليس بقادح فيما آتاه الله من فضله، وأنه مع ما كان من شأنه كسائر إخوانه من الأنبياء والمرسلين.

هذا قول جامع في بيان ما ورد في هذا الباب، فافهم ترشد إلى الأقوم. وأما ما ذكره في هذا الحديث من الصعقة، فهي بعد البعث، عند نفخة الفزع، فأما في البعث، فلا تقدم لأحد فيه على نبينا - صلى الله عليه وسلم - واختصاص موسى عليه السلام- بهذه الفضيلة لا يوجب له تفضيلاً على من تقدمه بسوابق جمة، وفضائل كثيرة، والله المسئول أن يعرفنا حقوقهم، ويحيينا على محبتهم، ويميتنا على سنتهم، ويحشرنا على ما كانوا عليه.

[٤٣١٠] ومنه حديثه الآخر عنه - صلى الله عليه وسلم -: (إنما سمي الخضر؛ لأنه جلس على فروة بيضاء .. الحديث) أراد به الهشيم اليابس، شبهة بالفروة، وقوله: (خضراء) على زنة: حمراء ومنهم من رواه (خضراً) بالتنوين، أي: نباتاً أخضر ناعماً.

<<  <  ج: ص:  >  >>