وقال الجوهري: وجه مهطم، أي: مجتمع مدور. وهذا أيضا لا يشاكل لفظ الحديث ولا يواطئه؛ لأنه قال بعد ذلك:(وكان في الوجه تدوير).
وقال أبو عبيد الهروي في كتابه: وقالت طائفة: المطهم الفاحش السمن، وقيل: هو المنتفخ الوجه، ومنه قول الشاعر:
ووجه فيه تطهيم
أي انتفاخ وجهامة.
قلت: وهذا هو القول الذي يستقيم عليه سياق الحديث، والناعت أتى بالكلمتين في نعت وجهه ويبين ذلك قوله بعد الكلمتين:(وكان في الوجه تدوير) ولما كان المطهم من الألفاظ المشتركة على ما ذكرنا، وكان المكلثم من الوجوه: القصير الحنك، الداني الجبهة، المستدير مع كثرة اللحم، بين بقوله (ولا بالمكلثم) أنه لم يرد بالمطهم المنتفخ الوجه الفاحش السمن، ولما كان المكلثم المستدير بين بقوله:(وكان في الوجه تدوير) أنه لم يكن مستديرا كل الاستدارة، بل كان فيه بعض ذلك، ويكون معنى قوله:(وكان في الوجه تدوير) أي: تدوير ما، وكان من الإمالة والاستدارة مسنون الوجه غير موجن هذا قول متسق، يؤيد بعضه بعضا، والأقاويل التي نقلناها عن أصحاب الغريب- وإن استقامت الألفاظ على انفرادها- فإنها إذا اعتبرت جملة واحدة في نظم الحديث شذ بعضها عن بعض، ونحن قد جهدنا في التوفيق، وما لم يلتثم منها فإن العلة فيه حسبان الناعتين فقد وصفه كل منهم بما تصور في ذهنه، بما يذكر من هيئته. والله أعلم.
وفيه:(جليل المشاش والكتد).
المشاش: رءوس العظام اللينة التي يمكن مضغها، واحدها مشاشة والكتد: ما بين الكاهل والظهر، تكسر تاؤه وتفتح.
وفيه:(أجرد ذو مسربة).
الأجرد من الناس: الذي لا شعر عليه، ومنه الحديث:(أهل الجنة جرد مرد) ومن الدواب: القصير الشعر، وقد بين بقوله:(ذو مسربة) لم يكن أجرد على الإطلاق، بل كان له مسربة، ومن أصحاب التجارب من الهند وغيرهم من لا يحمد الرجل إذا كان في سائر أعضاء أجرد، ولاسيما الصدر.
وفيه:(إذا مشى يتقلع)
المعنى: أنه كان يرفع رجليه من الأرض رفعا بائنا بقوة، لا كالذي يقارب بين الخطى احتشاما واختيالا.
وفي حديث هند بن أبي هالة:(وإذا زال زال قلعا) أكثر أهل الرواية يضمون القاف ويسكنون [٢٠٢/أ] اللام، والمحققون من ذوي المعرفة بكلام العرب يروونه بفتح القاف وكسر اللام.
وقوله:(كأنما يمشي في صبب) كالمبين له فإن الانحدار والتكفؤ إلى قدام والتقلع من الأرض يقارب بعضه بعضا.
وفيه:(وإذا التفت التفت جميعا) يريد أنه كان إذا توجه إلى الشيء توجه بكليته، ولا يخالف ببعض