(بينما أنا في الحطيم) وربما قال (في الحجر ... الحديث). هذا التردد من الراوي اشتبه عليه: أسمع في الحطيم أو في الحجر، وكثير من علماء العربية يرون الحجر والحطيم شيئا واحدا، ويقولون: سمي حجرا لما حجر عليه بحيطانه، وسمي حطيما؛ لأنه حطم جداره عن مساواة جدار الكعبة. وقد نقل عن رهط من أهل العلم ما يخالف ذلك، وأقاويلهم مع ما فيها من الاختلاف تدل على أن الحطيم غير الحجر؛ فقال مالك: الحطيم ما بين المقام إلى الباب؛ وقال ابن جريج: هو ما بين الركن والمقام وزمزم والحجر؛ وقال ابن حبيب: هو ما بين الركن الأسود إلى الباب إلى المقام، حيث يتحطم الناس للدعاء، وقيل: كان أهل الجاهلية يتحالفون هناك، يتحطمون بالأيمان.
ومنه قول أنس- رضي الله عنه- في هذا الحديث:(من هذه إلى هذه) أو قول بعض الرواة: يعني من ثغرة نحره إلى شعرته؛ أراد بالعشرة العانة. يقول أهل العلم بالعربية: الشعرة بكسر الشين شعر الركب للنساء خاصة، وعلى هذا فإن هذا القائل ذهب فيه مذهب الاتساع.
وما ذكر في الحديث من شق النحر واستخراج القلب وما يجري مجراه فإن السبيل في ذلك التسليم دون التعرض لصرفه إلى وجه يتقوله متكلف ادعاء التوفيق بين المنقول والمعقول؛ هربا مما يتوهم أنه محال. ونحن- بحمد الله- لا نرى العدول عن الحقيقة إلى المجاز في خبر الصادق عن الأمر المحال به على القدرة.
وفيه:(فاستفتح؛ قيل: من هذا): أراد بذلك تقرير شدة حراسة السماء، وكثرة حراسها، وأن أحدا لا يستطيع التخلص إليها والمرور عليها إلا بإذن من قبل من أرصد لذلك الأمر.