للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القبطية، فإنها كانت من أهل مصر. وأما الرحم فمن قبل أم [آجر] إسماعيل- عليهما السلام- وإن كانت الرواية على الوجه الذي ذكر من التردد فإن الصهر يختص بمارية، والذمة [بآجر]. وقد وجدت في بعض الروايات: (فإن لهم قرابة وصهرا).

وفيه: (فإذا رأيت رجلين يختصمان في موضع لبنة، فاخرج منها). فإن ذلك راجع إلى أعلام النبوة التي كوشف بها من الغيب في وقوع الفتن بها، فأشفق على أبي ذر فأمره بالخروج منها كي لا يستضر بالمقام فيهم، وقد ظهر ذلك في آخر [ولاية عثمان] رضي الله عنه- حين [عيبوا] عليه ولاية عبد الله ابن سعد بن أبي سرح أخيه من الرضاعة فكان منهم ما كان، ثم أردفت بالفتنة التي قتل فيها محمد بن أبي بكر، وهو وال عليها من قبل علي- رضي الله عنه- فاختبأ حين أحس بالشر، في جوف جمار ميت فرموه بالنار.

[٤٤٩٣] ومنه حديث حذيفة- رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (في أصحابي) أو قال: (في أمتي اثنا عشر منافقا ...) الحديث.

قلت: صحبة النبي - صلى الله عليه وسلم - المعتد بها هي المقترنة بالإيمان، ولا يصح أن تطلق إلا على من صدق في إيمانه، وظهر منه أمارته، دون من أغمض عليهم بالنفاق وإضافتها إليهم لا تجوز إلا على المجاز لتشبههم بالصحابة، وتسترهم بالكلمة، وإدخالهم أنفسهم في غمارهم؛ ولهذا قال في أصحابي، ولم يقل من أصحابي، وذلك مثل قولنا: إبليس كان في الملائكة أي: في زمرتهم ولا يصح أن يقال: كان من الملائكة، فإن الله- سبحانه وتعالى- يقول: {كان من الجن} وقد أسر بهذا القول إلى خاصته وذوي المنزلة من أصحابه، أمر هذه الفئة المشئومة المتلبسة لئلا [٣١٨] [يقبلوا منهم الإيمان، ولا يأمنوا من قبلهم المكر والخداع، ولم يكن يخفى على المحفوظين شأنهم] لاشتهارهم بذلك في الصحابة؛ إلا أنهم كانوا لا يواجهونهم بصريح المقال أسوة برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان أعلمهم بأسمائهم وذلك لأنه كان ليلة العقبة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - مرجعه من غزوة تبوك، حين هموا بقتله، ولم يكن على العقبة إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعمار يقود وحذيفة يسوق به، وكان منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد نادى (أن خذوا بطن الوادي، فهو أوسع عليكم، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أخذ الثنية) فلما سمعه أولئك النتنى طمعوا في المكر به فاتبعوه متلثمين، وهم اثنا عشر رجلا فسمع رسول الله خشفة القوم من ورائه، فأمر حذيفة أن يردهم، فاستقبل حذيفة وجوه دوالهم بمحجن كان معه، فضربها ضربا فرعبهم الله حين أبصروا حذيفة، فانقلبوا مسرعين على أعقابهم حتى خالطوا الناس، وأدرك حذيفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لحذيفة: (هل عرفت أحدا منهم) قال: لا، فإنهم كانوا متلثمين، ولكن أعرف رواحلهم، قال: (إن الله أخبرني بأسمائهم وأسماء آباءهم، وسأخبرك بهم- إن شاء الله- عند الصباح)، فمن ثم كان الناس يراجعون حذيفة في أمر المنافقين، وقد ذكر عن حذيفة أنهم كانوا أربعة عشر، فتاب اثنان، ومات اثنا عشر على النفاق على ما أخبر به الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم -. وقد اطلعت

<<  <  ج: ص:  >  >>