مجتر: بمنزلة المعدة للإنسان، وكرش الرجل أيضا: عياله من صغار ولده، والكرش أيضا: الجماعة من الناس، و (العيبة): ما يجعل فيه الثياب.
وذكر الهروي عن ابن الأعرابي في تفسير الكلمتين: أنهم خاصتي وموضع سري، وهو مستفيض في اللغة العربية. قال: والعرب تكنى بالعيبة عن الصدر. وفسر بعضهم الكرش في هذا الحديث بالجماعة؛ كأنه يريد أنهم أسرته التي يتقوى بهم، وهو تأويل مستقيم على الوضع اللغوي.
قلت: والعرب تستعمل الكرش في كلامهم موضع البطن، تقول: تزوج فلان فلانة فنثرت له كرشها وبطنها: إذا كثر ولدها له. والبطن مستودع مكتوم السر، والعيبة مستودع مكنون المتاع، والأول أمر باطن، والثاني أمر ظاهر، فيحتمل أنه ضرب المثل بهما إرادة اختصاصهم به في أموره الظاهرة والباطنة.
[٤٧٣١] ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث ابن عباس- رضي الله عنه-: (إن الناس يكثرون ويقل الأنصار) يريد: أن أهل الإسلام يكثرون، ويقل الأنصار؛ لأن الأنصار هم الذين آووا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونصروه، وهذا أمر قد انقضى زمانه، لا يلحقهم اللاحق، ولا يدرك شأوهم السابق، وكلما مضى منهم واحد مضى من غير بدل، فيكثر غيرهم ويقلون.
[٤٧٣٣] ومنه حديث أبي أسيد الساعدي- رضي الله عنه- قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (خير دور الأنصار ...) الحديث. يريد: خير بطونها وعمائرها، وإنما كنى عنها بالدور؛ لأن كل واحد من تلك البطون كانت لها محلة تسكنها، والمحلة تسمى دارا ودارة.