ويأنف عن إتيانه وزيارته، وقد استثنى من جملتها ما دعت المصلحة إليه ككلب الزرع والماشية والصيد، وأما الذي فيه الجنب فلأن الجنب ممنوع عن معظم العبادات، وهذا الجنب هو الذي يتهاون بإزاحة العلة عن نفسه بعد أن يتجاوز الوقت فيها عن الحد المحدود مع الإمكان عرفنا ذلك بأصل السنة وهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - (٥٥/ب) كان يطوف على نسائه بغسل واحد وفي هذا تأخير الاغتسال، وقد صح عن عائشة- رضي الله عنها- أنها قالت (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ينام وهو جنب) فعلمنا أن المراد من الجنب في هذا الحديث هو الذي يتخذ ترك الاغتسال دأبا وديدنا حتى يمر عليه وقت صلاة مفروضة.
[٣٠٤] ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث عمار- رضي الله عنه- (والمتضمخ بالخلوق) التضمخ التلطخ والإكثار منه حتى يكاد يقطر، والخلوق: طيب معروف يتخذ من الزعفران وغيره، وإنما استحق أن لا يقربه الملائكة؛ لأنه توسع في الرعونة وتشبه بالنساء مع أنه خالف الرسول - صلى الله عليه وسلم - فلم ينته عما نهاه.
[٣٠٦] ومنه حديث ابن عمر- رضي الله عنهما- (مر رجل على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يبول) الحديث. التوفيق بين هذا الحديث وحديث علي- رضي الله عنه- (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخرج من الخلاء فيقرأ بنا القرآن) هو أن نقول: النبي - صلى الله عليه وسلم - كان مبعوثا بالحنيفية السهلة: بحب التيسير على الأمة فلو أخذ في هذه القضية ونظائرها بالعزيمة لشق على الأمة وتعذر اتباعه بما شرع على أكثر الناس، فشرع لهم الرخصة فيما رواه على- رضي الله عنه-، وبين لهم سبيل العزيمة بما رواه ابن عمر- رضي الله عنهما- ليأخذ كل منهم بحظه، ويحتمل أن يكون آخر الأمرين ما رواه ابن عمر- رضي الله عنه- والمسلم به قيل: هو المهاجر بن قنفذ بن عمير جذعان القرشي التيمي، وهو من مسلمة الفتح وعلى هذا فحديث ابن عمر غير حديث أبي