[٣٠١] ومنه حديث علي- رضي الله عنه- (وكان لا يحجبه أو يحجزه عن قراءة القرآن شيء ليس الجنابة) يعني إلا الجنابة، وقد يستثنى بليس تقول: جاءني القوم ليس زيدا بضم اسمها منها وبنصب خبرها كأنك قلت: ليس ما جاءني زيدا مكان قولك: جاءني القوم ليس زيدا، وقد زعم بعض المعتبرين من علماء البيان وأهل المعرفة بالحديث (٥٤/ب). أن ليس ههنا بمعنى: غير وهي تجر ما بعدها كما تجر غير فروى الجنابة مجرورة، ولم نجد لقوله هذا سنادا في كتب علماء العربية.
[٣٠٣] ومنه: حديث علي- رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (لا تدخل الملائكة بيتا) الحديث. ظاهر اللفظ يقتضى عموم الملائكة، وقد عرفنا بنص الكتاب أن كتبة الأعمال غير داخلين في جملتهم، وذلك قوله سبحانه {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} في آيات أخر، وقد بينها قوله - صلى الله عليه وسلم - (فإن معكم من لا يفارقكم فاتقوا الله واستحيوا منهم) وأن المرادين بذلك هم الذين ينزلون بالبركة والرحمة ويطوفون على عباد الله المؤمنين ويستمعون الذكر ويؤمنون على دعاء المؤمنين ويزورون عباد الله الصالحين فإذا رأوا في موضع منكرا أو شيئا لا يناسب حالهم امتنعوا عن دخول ذلك الموضع.
ويحتمل أن يكون المعنى: لا يدخله بالخير، وامتناعهم عن دخول البيت الذي فيه الصورة لما في الصورة من التشبه بخلق الله والإقدام على المنكر الفظيع الذي منع منه الشرع، وظاهر هذا اللفظ يقتضى تناول سائر التصاوير المنصوبة القائمة التي لها شخص والتي لا شخص لها من المنقوشة في الجدر والمصورة فيها وفي الفرش والأنماط، وقد رخص من التصاوير فيما لا شبح لها وكان منبوذا توطأ وتداس لأحاديث دلت على الرخصة لمن كانت في بيته، فأما في حق المصور فلا، وأما البيت الذي فيه الكلب؛ فلأن الكلب نجس خبيث بلغ في المرتبة الحيوانية إلى النهاية في الخساسة، والملائكة أشراف خلق الله، وهم المكرمون المتمكنون من أعلى مراتب الطهارة، وبين الحالين تضاد كما بين النور والظلمة، ثم إن الذي يؤوى الكلب في بيته من غير حاجة إنما يتخذه للهو والاستئناس به مع ترك الاحتراز عن رجسه وتسامحه في أمر في بيته من غير حاجة إنما يتخذه للهو والاستئناس به مع ترك الاحتراز عن رجسه وتسامحه في أمر الدين. ومن سوى نفسه بالكلاب ولم يمتنع عن مقاربتها بالزاجر الشرعي فحقيق أن ينفر الملك عن منزله