[٥٠٩] حديث عائشة- رضي الله عنها- عن النبي - صلى الله عليه وسلم -:
(لا يقبل صلاة حائض إلا بخمار) أراد بالحائض: المرأة التي بلغت سن الحيض وهذا الحكم متناول كل من أدركت من النساء، وإن تك آيسة.
[٥١١] ومنه: حديث أبي هريرة- رضي الله عنه:(أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن السدل في الصلاة) سدل ثوبه يسدله، بالضم، سدلا: إذا أرخاه وهو إرساله حتى يصيب الأرض، والذي انتهى إلينا من معنى هذا القول أنه: نهى المصلي عن إرسال الثوب حتى يصيب الأرض، ثم إن أهل العلم مختلفون في هذا النهي، فمنهم من لا يرى بالإرسال بأسا، ومنهم من يرخص فيه، ومنهم من يكرهه ويقول: هكذا يصنع اليهود.
قال الترمذي: وقال بعضهم إنما كره السدل ٧٩/أفي الصلاة إذا لم يكن عليه إلا ثوب واحد فأما إذا سدل على القميص فلا بأس وهو قول أحمد. ثم إني تفكرت في هذا المعنى بعد التدبر لسياق لفظه فرأيت غير ذلك المعنى أمثل من طريق المطابقة، وذلك لأن إرسال الثوب حتى يصيب الأرض منهي عنه على الإطلاق، وفي الحديث خص النهي بالسدل في الصلاة فلابد له من فائدة، وإن زعم زاعم أن فائدة التخصيص على التأكيد؛ فالجواب أن نقول: تأكيد النهي في حق من يرسل ثوبه ويمشي أولى من تأكيده في حق من يصلي، لأن إرسال الثوب حالة المشي من الخيلاء مع ما فيه من إصابة الأذى بالثوب وترك النظافة وإضاعة المال بتمزيق الثوب وإخلاقه ولا كذلك المصلي؛ لأنه ثابت في مكان غير متعرض لشيء من تلك الخلال، ثم إن كثيرا رخصوا في إسبال الثوب في الصلاة، والجمهور منهم منعوا الرجال عن الإسبال في حال المشي للأحاديث التي وردت فيها، فلما رأيت التخصيص في حق المصلي والترجيح من طريق النظر فيما ذكرت من العلماء فتشت عن المراد من الحديث، فرأيت أن النهي إنما خص بالمصلي؛ لأن العرب من عادتهم أن يشدوا الأزر على أوساطهم فوق القميص كل الشد في حالة المشي، فإذا انتهوا إلى مجالسهم حلوا العقدة وأسبلوا الإزار حتى يصيب الأرض ثم ربطوه بعض الربط؛ لأن ذلك أروح لهم وأسمح لقيامهم وقعودهم وكانوا يصنعون ذلك في الصلاة فنهوا عنه؛ لأن المصلي لم يكن ليأمن أن تنحل