العقدة أو يتشبث فيه عند النهوض برجله فينفصل عنه فيكون مصليا في الثوب الواحد وهو منهي عنه، أو يتشاغل بإمساكه على نفسه فيجد الشيطان به سبيلا إلى تخبطه في الصلاة، وربما يضم إليه جوانب ثوبه فيصدر عنه الحركات المتداركة، فلهذه المعاني نهي عنه، ولم أقدم على استنباط معنى هذا الحديث على هذا الوجه إلا بعد أن كنت شاهدت تلك الهيئة من أناس من أهل مكة يعتادونها ويأتون بها في مجالسهم.
وفيه (وأن يغطي الرجل فاه) إنما نهي عن ذلك؛ لأنه يحجر الرجل عن أداء القراءة على نعت الكمال والإتيان بالسجود على وجه التمام. وكان من دأب العرب أن يتلثموا بعمائمهم فيغطوا بها أفواههم كيلا يصيبهم الهواء بأذى من حر أو برد فنهوا عن ذلك الصنيع في حال الصلاة للمعنى الذي ذكرناه ولغيره.
[٥١٢] ومنه: حديث أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه:(بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه ...) الحديث
استدل بعض العلماء من هذا الحديث بقوله - صلى الله عليه وسلم -[٧٩/ب]: (إن جبريل أتاني فأخبرني أن فيهما قذرا) على أن من صلى وفي ثوبه نجاسة لم يشعر بها فإن صلاته مجزئة ولا إعادة عليه، واستدل آخرون من هذا الحديث بقوله - صلى الله عليه وسلم - (إذا جاء أحدكم المسجد فلينظر فإن رأى [في] نعليه قذرا فليمسحهما وليصل فيهما) على أن النعل إذا أصابته نجاسة فمسحت بالأرض حتى ذهب أثرها جازت الصلاة فيها. ثم إن كل واحد من الفئتين يخالف صاحبه فيما ذهب إليه. والذي يأخذ ببعض هذا الحديث فالبقية منه حجة عليه، فإن قال قائل: كيف صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في النعل النجس مع تأييد الله إياه بالعصمة ولاسيما في أمر العبادة؟ قلنا إن ذهبنا إلى أن القذر المذكور في الحديث كان نجاسة؛ فالجواب فيه: أنه كان مشرعا فاقتضت الحكمة الإلهية أن يمتحن بأمثال ذلك ليظهر للأمة ما قد خفي عليهم من أمر الدين؛ ولهذا المعنى قال - صلى الله عليه وسلم -: (إنما أنسى لأسن). وإن ذهبنا إلى غير ذلك فالأمر فيه بين والوجه فيه أن نقول: يحتمل أن القذر الذي كان في نعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن من جملة الأعيان النجسة وإنما كان مما يستقذره الناس طبعا وقد أمروا