للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من أسماء الله. قال بعض أهل العلم أي ذو السلام لأنه هو الذي سلم من كل عيب وآفة ونقص وفناء وأتى بنظائره من كلامهم كقولهم رجل مال أي ذو مال.

قلت وأرى بين الصيغتين بونا وهو أن السلام صفة ذات ولا كذلك رجل مال، وأية حاجة بنا إلى هذا التقدير وقد وجدنا العرب يضعون المصادر موضع الأسماء ويصفون بها، لاسيما إذا أرادوا المبالغة فإنه هو السلام وصف مبالغة في وصف كونه سليما من النقائص أو في إعطائه السلامة.

وقد اختلف الأقاويل في معنى قولنا (السلام عليك) فمن قائل إن معناه الإعلام لصاحبه بالسلامة من ناحيته والأمن من شره وغائلته، ومن قائل إن معناه الدعاء أي سلمت من المكاره، ومن قائل: إن معناه اسم السلام عليك كأنه تبرك عليه باسم الله.

قلت وأمثل هذه الوجوه الثلاثة أن يحمل (٨٨/أ) كل على معنى الدعاء؛ لأنا إذا ذكرنا السلام لم يكن لنا أن نذهب إلى أن معناه اسم الله عليك، وبالتنكير ورد التنزيل؛ قال الله سبحانه {وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا} وإذا قلنا: السلام علينا أو سلمنا به على بعض الأموات لم يكن لنا أن نذهب إلى أن المراد منه هو الإعلام بالسلامة؛ فإن ذلك إنما يصح في حق الغير من الأحياء، فالوجه فيه أن نقول هو دعاء بالسلامة لصاحبه من آفات الدنيا ومن عذاب الآخرة، وضعه الشارع موضع التحية والبشرى بالسلامة وأمارة للسلم بين الداعي والمدعو له؛ ثم إنه اختار لفظ السلام وجعله تحية لأهل ملته لما فيه من المعاني ولأنه مطابق للسلام الذي هو اسم من أسماء الله تيمنا به وتبركا.

وفيه (لا تقولوا السلام على الله فإن الله هو السلام) وجه النهي بين ظاهر؛ وذلك لأن الله عز وجل هو المرجوع إليه بالمسائل المتوسل إليه بالدعاء المتعالي عن المعاني التي ذكرناها في التسليم فأنى يدعى له وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>