المدعو على الحالات، وكيف يتقرب إليه بما هو المسئول عنه على العلات، ولأي معنى يطلق عليه ما يستدعيه حاجة المفطورين وتقتضيه نقائص المربوبين.
وفي قوله (فإن الله هو السلام) تعليل للنهي أي هو الذي يعطي السلامة ويقررها وإليه المرجع في ذلك فنزهوه عن نعت هو الغني عنه ونحن الفقراء إليه.
وفيه (التحيات لله) قيل: أي الملك لله، والتحية: الملك، قال الشاعر:
ونال التحية من نالها
وإنما قيل للملك التحية؛ لأنهم كانوا يخصون الملوك بتحية مخصوصة بهم كقولهم أبيت اللعن واسلم وأنعم، فلما كان الملك موجبا للتحية المخصوصة المذكورة على نعت التعظيم سمي بها وإنما جمعت على إرادة الاستيعاب لجماع الممالك وسائر النعوت المشعرة بالعظم والجلال وليس المراد منها الألفاظ التي كانوا يخاطبون بها الملوك بعينها؛ لأن فيها ما لا يصح إطلاقا على الله كقولهم: عش ألف سنة واسلم وانعم، بل المراد منها المعاني التي ذكرنا وهذا المذكور زبدة ما أورده أصحاب الغريب في بيانه، ولا مسلك- في إيضاح معناها مع وجازة اللفظ - أقوم من هذا.
وقد ذكر أبو عبيد الهروي عن ابن الأنباري وجهين آخرين لا يعتد بهما من تدبرهما:
أحدهما: قوله (التحيات لله) أي البقاء لله يقال حياك الله أي أبقاك. قلت: وهذا لو كان التحية مكان التحيات، فأما تأويل التحيات على معنى البقاء [٨٨/ب] فإن الجمع يخلو إذا عن الفائدة ثم إن بقاء الله سبحانه ديمومي سرمدي لا يعتوره الأزمنة والساعات ولا يطلق عليه الجمع والتثنية.
والثاني: قوله التحيات لله أي السلام على الله، وهذا قول مردود عليه بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في أول هذا الحديث لا تقولوا السلام على الله.
وفيه و (الصلوات) قيل: أي الترحم لله وفائدة الجمع في هذا التفسير أيضا غير مرعية وإنما معناها- والله أعلم- العبادات لله أي هو المستحق لسائر العبادات التي تعظم بها المعبود ويتقرب بها إليه على تنوعها وتباين أوصافها.
وفيه و (الطيبات) أي الكلمات المحتويات على بيان التقديس والتنزيه وحسن الثناء على الله. وقيل الطيبات من القول مصروفات إلى الله.
وفيه (السلام علينا) أي اسم الله علينا، أو السلامة وهي التخلص من الآفات وذلك أشبه؛ لأنهم كانوا يحيون به قبل الإسلام علامة للمسالمة، وكانوا يحيون أيضا بغير السلام، بل كان السلام أقل وغيره الأكثر والأغلب فلما جاء بالسلام قصروا عليه ومنعوا مما سواه من تحايا الجاهلية؛ لاشتماله على المعاني التي ذكرناها. وإيراده على صيغة التعريف أتم لفظا وأبلغ معنى، ويؤيد ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث (السلام