أبا لبابة الأنصاري إليها مستخلفا عليها، فلو لم يكن البصير أولى وأحق بالإمامة من الأعمى لم يقدم أبا لبابة عليه بعد الاستخلاف هذا وقد سبقه ابن أم مكتوم بالإسلام، ثم إنه كان من المهاجرين الأولين وكان أسن منه وكان قرشيا، فإن قيل: فقد استخلفه النبي - صلى الله عليه وسلم - على المدينة حين خروجه إلى تبوك وعلي- رضي الله عنه- بالمدينة. فالجواب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر الناس في غزوته تلك أن يخرجوا فلا يتخلف عنه مستطيع، فاستخلف ابن أم مكتوم فلم يبق بها إلا معذر أو معذر أو منافق ثم خلف عليا- رضي الله عنه- في أهله حذر أن ينالهم عدو بمكروه ولم يستخلفه على إقام الصلاة كيلا يشغله شاغل عن القيام بحفظ ما استحفظ فإن قيل: فإن عتبان بن مالك كان يؤم قومه وهو أعمى فالجواب (١٠٥ ب). أنه كان إمام قومه قبل أن (أصاب) ما أصابه فلما أنكر بصره أقر عليها كرامة له واستمالة لقلبه، ثم إن الأظهر أن القوم لم يروا ذلك؛ لأنه لم يكن فيهم من يقوم مقامه قراءة، وعلما وسنا.
[٧٧١] ومنه حديث أبي أمامة- رضي الله عنه- عن علي- رضي الله عنه-: (ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم). أي لا ترفع إلى الله رفع العمل الصالح، بل لا ترفع أدنى شيء من الرفع، وإنما خص الأذن بالذكر لما يقع في المسامع من التلاوة والتسبيح والدعاء، ولا يصل إلى الله قبولا وإجابة.
وهذا مثل قوه في المارقة (يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم). عبر عن عدم القبول بأنها لا تجاوز آذانهم، ويدل عليه قوله في الحديث الذي يليه:(ثلاثة لا تقبل لهم صلاة). ويحتمل أن يراد به أن صلاتهم لا ترتفع عن آذانهم فيظلهم كما يظل العمل الصالح صاحبه يوم القيامة. ويحتمل أن يراد به أنها تكون ساقطة الذكر فلا يسمع بها غيرهم.
وفيه (وإمام قوم وهو له كارهون)، هذا إذا كره القوم تقدمه لفسق أو جهل بأحكام الصلاة وما يجري مجراه، من عدم الاستحقاق وقلة الاستعداد. فأما إذا كان الأمر بخلاف ما وصف فإنهم هم المسيئون وهو الملومون.
[٧٧٢] ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث عبد الله بن عمر- رضي الله عنه-: (ورجل أتى الصلاة دبارا) والتفسير مذكور في متن الحديث، وهذا إذا اتخذه عادة، ويوجد ذلك عند من قلت مبالاته بالمحافظة عليها.