للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن الأنباري: (بكر): تصدق قبل خروجه؛ يتأول على ما روى في الحديث: (باكروا بالصدقة؛ فإن البلاء لا يتخطاها).

على هذا النحو وجدنا تفسيرهما في كتب أصحاب الغريب، وتابعهم عليه الخطابي وغيره.

ووجدت تفسيرهما في كتاب أبي عبيد الهروي على خلاف ذلك، وهو أنه قال: بكر، قالوا اسرع، وابتكر: أدرك الخطبة من أولها، وهو من الباكورة).

قلت: وأرى نقل أبي عبيد أولى بالتقديم؛ لمطابقته [١١٨/ب]- أصول اللغة، وذلك لأنهم يقولون لكل من بادر إلى الشيء: أبكر إليه وبكر أي وقت كان، ومنه الحديث (لا يزال أمتي على ستني ما بكروا بصلاة المغرب أي صلوها عند سقوط القرص، وفي الحديث (بكروا بالصلاة في يوم الغيم فإنه من ترك العصر حبط عمله) أي تقدموا وقدموها في أول وقتها، ويقولون ابتكرت الشيء أي استوليت على باكورته ويشهد لصحة هذا القول نسق الكلام فإنه حث على التبكير ثم على الابتكار وعلى هذا نسق العمل فإن يتوجه الإنسان إنما يغدو إلى المسجد أولاً ثم يستمع الخطبة ثانياً ومن آداب الخطيب المصقع والبليغ المغرب أن يتوجه في الأمر بمقاله على ما هو الأول فالأول، ونبي الله ? أفصح من كل فصيح وأبلغ من (كل) بليغ، واختلف جمع من علماء النقل في راوي هذا الحديث فمنهم من يقول: أوس بن أوس ومنهم من يقول: أوس بن أبي أوس، ومنهم من يقول أوس بن حذيفة، قال يحيى بن معين: أوس بن أوس وأوس بن أبي أوس واحد، وقال خليفة بن خياط: وأسلم أبي أوس حذيفة، فعلى هذا كل ذلك واحد، وعليه يدل الروايات، وقد أورد أبو نعيم الأصفهاني في هذا الحديث في ترجمة أوس بن حذيفة الثقفي، وذكر أن هذا ليس بأوس بن أوس حذيفة الثقفي، وليس لأبي نعيم أن يقطع بهذا القول على ما بدا له فلعل الرجل كان مذكوراً بالاسمين أو كان الوافد من ثقيف أوس بن اوس، وأوس بن حذيفة أيضاً كان من وفد ثقيف، وهذا الحديث أخرجه الأئمة الثلاثة في كتبهم أبو داود وأبو عيسى وأبو عبد الرحكم عن أوس بن أوس على ما ذكرناه، وهم الأعلام في علم النقل، وما اجتمعوا عليه كان حجة على من بعدهم من أهل النقل.

[٩٣٦] ومنه: حديث معاذ بن أنس رضي الله عنه عن النبي ? (من تخطى رقاب الناس يوم الجمعة اتخذ جسراً إلى جهنم) تخطى أي تخطى أي تجاوز بالخطو رقاب الناس يقال تخطيته أي تجاوزته، وقوله اتخذ) يروى

<<  <  ج: ص:  >  >>