[٩٣٣] حديث أوس بن أوس الثقفي - رضي الله عنه - عن النبي ?:(من غسل يوم الجمعة واغتسل .... الحديث):
قد اختلف أهل الرواية في قوله:(غسل) فمنهم: من يرويه بالتشديد، وهم الأكثرون عدداً.
ومنهم: من يرويه بالتخفيف؛ وهم الأعلام من أئمة الحديث.
فأما من شدد [١١٨/أ]: فمنهم من يقول: على معنى التأكيد، ومنهم من يقول: غسل الرأس خاصة، لأن العرب لهم لمم وشعور، وفي غسلها كلفة؛ فأفرد ذكر غسل الرأس من اصل ذلك؛ وإليه ذهب مكحول؛ وبه قال أبو عبيد.
ومنهم من قال في معناه: يطأ صاحبته؛ منهم عبد الرحمن الأسود؛ وهلال بن ياف وهما من التابعين، وكأنهم ذهبوا إلى هذا المعنى؛ لما فيه من غض البصر، وصيانة النفس عن الخواطر التي تحجز بينه وبين التوجه إلى الله بالكلية.
وإذا خفف، فمعناه: إما التأكيد، وإما غسل الراس، والاغتسال للجمعة، وروينا عن أبي بكر بن الأثرم صاحب أحمد في سؤاله عنه عن هذا الحديث: كلاماُ زبدته: أنه فاوض أحمد في هذا الحديث، وراجعه كرة بعد أخرى؛ فقال: ما سمعنا إلا (غسل) بالتشديد، وكان يذهب في معناه إلى ما ذكرناه من الوطء، قال: فذكرت له الحديث عن علي - رضي الله عنه - أنه قال:(من غسل) مخففة، قال: وأي شيء معناه؛ إذا خفف؟ قلت: غسل رأسه واغتسل، قال: ليس بشيء! ثم قال لي بعد ذلك: نظرت في ذلك الحديث؛ فلم أجد (غسل) - يعني: بالتشديد - ولعله أن يكون في بعض الحديث، ولم أجده، وإنما أصبته (غسل) مخففة من حديث عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، قلت: عن حسين، أعني: الجعفر؟ قال: نعم؛ سمعته من الحسين، قال: ومن حديث المبارك عن الأوزاعي.
وفيه:(بكر وابتكر):
يحتمل: أن المخالفة بين اللفظين لم تقع لاختلاف المعنيين، وإنما معناهما واحد، والمراد من إيرادهما: التأكيد - على ما ذكرنا - ويؤيد هذا القول رواية النسائي في (كتابه): (وغدا وابتكر).
وقيل: معنى (بكر): أدرك باكورة الخطبة، وهي أولها، وهى أولها، و (ابتكر) أي: قدم في أول الوقت.