يفرش للميت، ولم يذكر عن الخلفاء الراشدين، ولا عن أحد من الصحابة، ونرى ذلك- والله أعلم- مما يستقيم في حق
نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا يستقيم في حق غيره، وذلك أنه فارق الأمة في حكم الممات؛ كما فارقهم ١٣٤] /أ [في بعض من أحكام موته، وهو أنه: ثبت- عندنا- بالنص الصحيح: أن الله تعالي حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء، وقال - صلى الله عليه وسلم -: (الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون)، وقال:(ونبي الله حي يرزق).
قلنا: وحق لجسد عصمه الله أن يتغير أو يستحيل أو يبلى أن يفرش له؛ لأن المعنى الذي يفرش للحر لم يزل عنه بحكم الموت، وليس الأمر في غيره على هذا النمط.
[١١٥٥] ومنه: حديث سفيان التمار (أنه رأى قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - مسنماً).
سفيان هذا هو ابن دينار أبو الورقاء التمار الكوفي الأحمري من الأحامرة، وهم قوم تبنكوا بالكوفة، وسفيان التمار من أتباع التابعين، سمع عن الشعبي، ونظرائه.
وتسنيم القبر أن يجعل كهيئة السنام، وهو خلاف تسطيحه.
[١١٥٦] ومنه: حديث على رضي الله عنه؛ أنه قال لأبي الهياج الأسدى، وأبو الهياج الأسدي هو حيان بن الحصين.
وفيه: ألا أبعثك على ما بعثني عليه، المعنى ألا أرسلك إلى الأمر الذي أرسلني له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإنما ذكره بحرف (على) لما فيه من معنى الاستعلاء، أي أجعلك أميراً على ذلك؛ كما أمرني عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وقوله:(أن لا تدع تمثالاً) أي: الأمر الذي أبعثك عليه أن لا تدع؛ لما في قوله:(ألا أبعثك على ما بعثني) من معنى التأمير، والتمثال: الصورة، وطمسه: محوه وإبطاله؛ يقال: طمس الشيء. وطمسته، يتعدى ولا يتعدى، والقبر المشرف هو العالي المنتصب، أراد به: القبر الذي بني عليه حتى ارتفع دون الذي أعلم عليه بالرمل أو الحصى أو الحجارة ليعرف، ولئلا يوطأ عليه.
[١١٥٧] ومنه: حديث جابر رضي الله عنه: (نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يجصص القبر، وأن يبنى عليه، وأن يقعد عليه): قلت: قوله: (وأن يبنى عليه): يحتمل وجهين: