[١٣٥٤] حديث أنس -رضى الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (تسحروا؛ فإن في السحور بركة).
المحفوظ عند أصحاب [١٦٠/أ] الحديث: بفتح السين، وقد قيل: إن الصواب أن تضم، وأرى الوجه المستقيم فيه على المقاييس اللغوية: الضًّم؛ لأنه بالضم: المصدر، وبالفتح: الاسم لما يتسحر به، والبركة في الفعل باستعمال السنًّة لا في نفس الطعام، وقد أشبعنا القول في أول باب الطهراه في بيان تلك المقاييس، وما ذكرنا فيها عن علماء العربية، وكذلك الرواية في رواية أنس:(أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وزيد بن ثابت تسحرا، فلما فرغا من سحورهما)،وفي حديث سمرة بن جندب، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا يمنعكم عن سحوركم أذان بلال .. الحديث).
وليس الأمر في الحديثين من طريق اللغة على ما ذكرناه في الأول؛ لأنهما يحتملان النصب، والضم؛ فنختار فيها النصب، لموافقته الرواية.
وأما حديث العرباض بن سارية:(دعاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى السحور) - فالوجه فيه نصب السين، لقوله (إلى الغداء المبارك).
[١٣٥٥] ومنه: حديث عمرو بن العاص - رضى الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب: أكله السحر)، فضل ما بين): بالصاد المهملة، ومن الناس من يصحف فيه بالضاد المنقوطة، وأكلة بفتح الهمزة، وهى المرة من الفعل، والمعنى: أن السحور هو الفارق بين صيامنا وصيام أهل الكتاب؛ لأن الله أباح لنا ما حرم عليهم من ذلك، ومخالفتنا إياهم في ذلك تقع موقع الشكر لتلك النعمة ويدخل في معناه.
[١٣٥٦] ومنه حديث سهل بن سعد - رضى الله عنه- الذي يتلوه، روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:(لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطرة)؛ لأن فيه مخالفة اهل الكتاب، وكان مما يتدينون به الإفطار عند اشتباك النجوم، ثم صار في ملتنا شعارًا لأهل البدعة، وسمة لهم، وهذه هي الخصلة التى لم يرضها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -