للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(١٩٣/أ) ناء بحمله، مثل ناع، إذا نهض به متثاقلاً، أي: نهض بصدره. وفيه تنبيه على [عجزه] النهوض بالكلية، ويجوز أن يكون مثل [تعني] أي تباعد بصدره ونحوها، وقد قرئ بهما في الكتاب} ونأي بجانبه {[والوجه] في الحديث هو الأول وقد وردت به الرواية، وقال عبد (الظاهر) الفارسي: يحتمل أن يكون ناء بمعنى نأى كقولهم: رأي وراء.

[١٦٠٥] ومنه: حديث أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لو لم تذنبوا لجأ الله بقوم يذنبون ...) لم يرد هذا الحديث مورد تسلية [للمنهكين] في الذنوب وتوهين أمرها على النفوس، وقلة الاحتفال منهم بمواقعهتها على ما يتوهمه أهل [الغرة] بالله، فإن الأنبياء -صلوات الله عليهم- إنما بعثوا ليردعوا الناس عن غثيان الذنوب، واسترسال نفوسهم فيها، بل ورد مورد [التنبيه والبيان] لعفو الله عن المذنبين، وحسن التجاوز عنهم، ليعظموا الرغبة في التوبة والاستغفار.

والمعني المراد من الحديث هو أن الله تعالى كما أحب أن يحسن إلى المحسن، أحب أن يتجاوز عن المسيء، وقد دل على ذلك من أسمائه غير واحد من الأسماء، ولما كان من أسمائه الغفار، الحليم، التواب العفو، لم يكن ليجعل العباد شأناً واحداً كالملائكة مجبولين على التنزه من الذنوب، بل يحلق فيهم من يكون بطبعه ميالاً إلى الهوى مفتتناً بما [يقتضيه] ثم يكلفه التوقي عنه، ويحذره عن مداناته، إنكم لو كنتم مجبولين على ما جبلت عليه الملائكة لجاء الله بقوم يتأتى منهم الذنب فيتخلى عليهم بتلك الصفات على مقتضي الحكمة، فإن الغفار يستدعي مغفوراً، كما أن الرزاق يستدعي مرزوقاً.

[١٦٠٦] ومنه: قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث أبي موسى -رضي الله عنه- (يبسط يده بالليل) بسط اليد عبارة

<<  <  ج: ص:  >  >>