وإنما أمرنا بالاستعاذة منه؛ لما في الوقت من انبثاث الشر أكثر مما في غيره، ثم إن التحرز منه أصعب، وأستند الشر إليه، لملابسته له من حدوثه فيه، هذا تفسير الآية، والحديث مؤول على ما أولنا عليه الآية.
فإن قيل: الحديث يدل على أن المراد من (غاسق إذا وقب): القمر. قلنا: قولها: (نظر إلى القمر) غير دال على ما ادعيتم، ولا يلزم من النظر إلى القمر أن يكون مراده القمر.
وقوله فيه:(هذا غاسق): ليس أيضاً- ببيان واضح يدلنا على ذلك؛ لاحتمال أن تكونا لإشارة إلى الظلام حيث دخل بل العبرة بذلك [٢٢] لموافقة معنى الآية على ما يذهب إليه أكثر المفسرين.
فإن قيل: ففي بعض طرق هذا الحديث. (فأشار إلى القمر)، قلنا: لم نجد ذلك في رواية يعتد بها، وإنما هو شيء ذكره أصحاب التفاسير من غير تثبت.
فإن قيل: فماذا ينكر أن يكون سمى القمر: غاسقاً؛ لامتلائه؟!، وأراد بالوقوب دخوله في الكسوف واسوداده؟:
قلنا: لم نستبعد هذا الوجه، ولكنا آثرنا القول الذي يدل عليه ظاهر الآية، والذي هو المشهور عند أهل اللسان، وعليه أكثر أصحاب التفاسير. والحديث، وإن كان حسناً صحيحاً: فإنه غير ناب عن هذا التأويل، وأي وجه أخذته في الحديث فهو الوجه في الآية لا مغنى عن الجمع بين الآية والحديث في المعنى، لأنه ورد مورد البيان للآية.