للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دمائنا) أراد به أهل الإسلام لا ذوي القرابة منه، أي أبدأ في وضع الدماء التي تستحق أهل الإسلام ولايتها بأهل بيتي.

وربيعة بن الحارث هو: ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب صحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وروى عنه، وكان أسن من العباس بن [عبد] المطلب، توفى في خلافة عمر- رضي الله عنه- (٣٥/ جـ ٢) وقد ذكر جمع من أهل العمل أن رواة هذا الحديث لم يصيبوا في (؟) دم ربيعة، وإنما الصواب: دم ابن ربيعة، وقد ألحق هذه الزيادة بنسخ من المصابيح، وزادهم ما في (؟) (كان مسترضعاً، التثبت فيما رأوه، أو رووه ولا نرى التسلم لهم مع إمكان تقرير معمى الحديث على ما وردت به الرواية عن علماء النقل وحفاظهم: (دم ربيعة)، وهي رواية البخاري؛ فنقول: إنما أضاف الدم إلى ربيعة؛ لأنه كان ولي الدم.

وقوله: (كان مسترضعاً) راجع على القتيل، فلك بالكلام مسلك الإيجاز على طريق الحذف والإضمار. ومثل ذلك في الكلام حسن إذا قرن به دلالة عليه، ولم يخل هذا القول من ذلك؛ لأن الدم إنما يطالب به لعلع القتل، ويحتمل أنه أراد دم قتيل ربيعة، فحذف المضاف، وأقام المضاف إليه موضعه اعتماداً على اشتهار القضية بين السامعين، ويحتمل أن يكون هذا القول- أعني (كان مسترضعاً) في بني سعد- من قول بعض الرواة على وجه البيان.

وفيه: (فإنكم أخذتموهن بأمانة الله): أي بعهده وهو ما عهد إليهم من الرفق بهن، والشفقة عليهن. وفيه: (واستحللتهم فروجهن بكلمة الله): أي بأمر الله وحكمه، والمعنى أن استحلالكم فروجهن وكونهن تحت أيديكم إنما كان بعهد الله وحكمه فيما شرع لكم من الدين؛ فإن نقضتم عهده الذي عهد إليكم فيهن انتقم منكم لهن.

وفيه: (فإن لكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه): أي لا يستبددن بالإذن لمن تكرهون في الدخول عليهن، والتحدث عندهن، كما كان من عادة العرب، وفي ذلك تأكيد للنهي فيما نهى عنه بالحجاب. وإيطاء الفرش كناية عما ذكرنا، وليس من كنايات الزنا في شيء وقد بين ذلك قوله: (فاضربوهن ضرباً غير مبرح) أي غير مؤثر ولا شاق من قولهم: برح به الأمر تبريحاً أس جهده. ولو كان الإيطاء كناية عن الزنا لكانت عقوبتهن الرجم.

وفيه: (فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات، وجعل حبل المشاة بين يديه): الحبل بالحاء المهملة المستطيل من الرمل، وقيل: هو الضخم منه، وجمعه حبال/ وقيل: الحبال في الرمل كالجبال في غير الرمل. ونقل عن الأخفش أنه قال: الح جبل عرفة، وأنشد:

فراح بها من ذي المجاز عشية .... تبادر أولى السابقات إلى الحبل

قلت: وحبل المشاة رمل مستطيل، دونا لجبل، وأضيف إلى المشاة لاجتماعهم هنالك من الموقف توقيا عن مواقف الركاب، ودون حبل المشاة، ودون الصخرات، اللاصقة بفتح الجبل موقف الإمام، وبه كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتحرى الوقوف، والرواية عندنا: (إلى الصخيرات) (٣٦/ أ/ جـ ٢) بإثبات ياء التصغير.

<<  <  ج: ص:  >  >>